عما هو عليه. واما التصويب من جهة الحكم المتعلق بها فالظاهر انه لا مانع منه في نفسه ، ولا دليل على بطلانه ، فان ما دل من الإجماع والضرورة على اشتراك العالم والجاهل يختص بالاحكام الكلية ، ولا يعم الموارد الجزئية وعلى هذا الضوء فيمكن دعوى اختصاص الأحكام الشرعية بالعالمين بالموضوعات الخارجية لا مطلقا بان يكون العلم بها مأخوذاً في موضوعها ، كما نسب اختصاص الحكم بنجاسة البول بما إذا علم بوليته إلى بعض الأخباريين ومن هنا يمكن القول بالاجزاء في موارد مخالفة الأمارة للواقع في الشبهات الموضوعية لا مكان القول بالتصويب فيها ولا يلزم فيه محذور مخالفة الإجماع والضرورة كما يلزم من القول به في موارد مخالفة الأمارة للواقع في الشبهات الحكمية ، إلا أن القول بالتصويب فيها باطل من ناحية مخالفته لظواهر الأدلة الدالة على اعتبار الأمارات والطرق المثبتة للأحكام على موضوعاتها الخارجية ، حيث ان مقتضاها طريقية تلك الأمارات إلى الواقع وكاشفيتها عنه من دون دخل لها فيه أصلا ، كما هو الحال في الأمارات القائمة على الأحكام الكلية بلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا.
وعلى الجملة فقد تقدم في ضمن البحوث السالفة ان الحجية التأسيسية غير موجودة في الشريعة الإسلامية المقدسة ، بل الحجج فيها بتمام اشكالها حجج عقلائية ، والشارع أمضى تلك الحجج ، ومن الطبيعي ان أثر إمضائه ليس الا ترتب تنجيز الواقع عند الإصابة والتعذير عند الخطأ من دون فرق في ذلك بين ان يكون الدليل على اعتبارها السيرة القطعية من العقلاء أو غيرها كما عرفت ، وعليه فلا يمكن الالتزام بالتصويب والسببية فيها
ولو تنزلنا عن ذلك وسلمنا ان حجية الأمارات الشرعية كانت تأسيسية ابتدائية ولم تكن إمضائية ، ولكن مع ذلك لا يستلزم القول بها القول بالتصويب ، وذلك لأن غاية ما يترتب عليه هو جعل الأحكام الظاهرية في