هذه النكتة تناسب مع إطار الوجوب والحتم وهي تؤكده ، وحيث ان تلك النكتة منتفية في الصيغة فلأجل ذلك تكون دلالتها على الوجوب أقوى من دلالتها عليه. وان شئت قلت ان الجمل الفعلية في هذا المقام قد استعملت في معناها ، لا انها لم تستعمل فيه ، ولكن الداعي على هذا الاستعمال لم يكن هو الاخبار والاعلام ، بل هو البعث والطلب. نظير سائر الصيغ الإنشائية حيث قد يكون الداعي على استعمالها في معانيها الإيقاعية امراً آخر.
(الثانية) انها لا تتصف بالكذب عند عدم وقوع المطلوب في الخارج وذلك لأن اتصافها به انما يلزم فيما إذا كان استعمالها في معناها بداعي الاخبار والحكاية واما إذا كان بداعي الإنشاء والطلب فلا يعقل اتصافها به ، ضرورة انه لا واقع للإنشاء كي يعقل اتصافها به.
(الثالثة) ان الجملة الفعلية لو لم تكن ظاهرة في الوجوب فلا إشكال في تعينه من بين سائر المحتملات بواسطة مقدمات الحكمة والسبب في ذلك هو ان النكتة المتقدمة حيث كانت شديدة المناسبة مع الوجوب فهي قرينة على إرادته وتعيينه عند عدم قيام البيان على خلافه ، وهذا بخلاف غير الوجوب ، فان إرادته من الإطلاق تحتاج إلى مئونة زائدة.
ولنأخذ بالنظر إلى هذه النقاط :
اما النقطة الأولى فهي خاطئة على ضوء كلتا النظريتين في باب الإنشاء : يعني نظريتنا ونظرية المشهور.
اما على ضوء نظريتنا فواضح والسبب في ذلك ما حققناه في بابه من ان حقيقة الإنشاء وواقعه الموضوعي بحسب التحليل العلمي عبارة عن اعتبار الشارع الفعل على ذمة المكلف ، وإبرازه في الخارج بمبرز من قول أو فعل أو ما شاكل ذلك ، فالجملة الإنشائية موضوعة للدلالة على ذلك فحسب