بيان ذلك ان الصيغة على هذا موضوعة للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفسانيّ في الخارج ، ومن الطبيعي ان ذلك يختلف باختلاف الموارد ويتعدد بتعدد المعاني ، ففي كل مورد تستعمل الصيغة في معنى يختلف عن استعمالها في معنى آخر في المورد الثاني ويغايره ، وهكذا ، فان المتكلم تارة يقصد بها إبراز ما في نفسه من اعتبار المادة على ذمة المخاطب. وأخرى إبراز ما في نفسه من التهديد. وثالثة إبراز ما في نفسه من السخرية أو التعجيز أو ما شاكل ذلك ، فالصيغة على الأول مصداق للطلب والبعث الاعتباريين وعلى الثاني مصداق للتهديد كذلك ، وعلى الثالث مصداق للسخرية ، وهكذا ومن الواضح انها في كل مورد من تلك الموارد تبرز معنى يباين لما تبرز في المورد الثاني ويغايره.
ثم بعد ان كانت الصيغة تستعمل في معان متعددة كما عرفت ، فهل هي موضوعة بإزائها على نحو الاشتراك اللفظي ، أو موضوعة لواحد منها ويكون استعمالها في غيره مجازاً وجهان : الظاهر هو الثاني ، وذلك لأن المتبادر من الصيغة عند إطلاقها هو إبراز اعتبار الفعل على ذمة المكلف في الخارج ، واما إرادة إبراز التهديد منها أو السخرية أو الاستهزاء أو نحو ذلك فتحتاج إلى نصب قرينة وبدونها لا دلالة لها على ذلك ومن الطبيعي ان ذلك علامة كونها موضوعة بإزاء المعنى الأول ، دون غيره من المعاني.
(الجهة الثانية) لا ينبغي الشك في ان الأوامر الصادرة من الموالي منها أوامر الكتاب والسنة على نحوين : أحدهما ما يراد منها اللزوم والحتم على نحو يمنع العبد عن مخالفتها. وثانيهما ما يراد منها البعث المقرون بالترخيص على نحو يجوز مخالفتها وعدم مانع عنها ، ويسمى الأول بالوجوب ، والثاني بالندب. وعلى هذا فان قامت قرينة حالية أو كلامية على تعيين أحدهما لزم اتباعها ، وان لم تقم قرينة على ذلك فهل الصيغة بنفسها ظاهرة في