قاطعا لما بينهما من التخاصم ، بما يعرفه بالدليل من حكم تلك الواقعة ، كان
في تلك الحالة قاضيا ، وهو وصف ثالث يحتاج إلى زيادة شرط ثالث على ما ذكرناه ـ من
شرطي المجتهد والمفتي ـ وهو كونه منصوبا عن الإمام ، أو عن نائبه.
فلا يصح لأحد
أن يكون قاضيا في شيء من الحوادث قلّت أو كثرت حتى يكون منصوبا عن أحدهما ، إذا
كان الإمام ظاهرا ، أما لو كان غائبا نفذ قضاؤه إذا اتصف بالشرطين السابقين ، لما
دلّ عليه مضمون حديث أبي خديجة ، المتلقى بالقبول بين الطائفة ، عن الصادق عليهالسلام .
وحينئذ يكون في
زمان الغيبة المفتي والقاضي لا فرق بينهما في الصفات ، فكل من صحّ أن يكون مفتيا
صحّ في زمان الغيبة ان يكون قاضيا ، إلّا ان المفتي هو المثبت للأحكام الكلية عن
الأدلة ، من غير تشخّص لها بالصور الجزئية ، والأعيان الشخصية ، بخلاف القاضي ،
فإنّه المثبت لها الأدلة في صور جزئية على أشخاص معينة ، مع اختصاص القضايا بأبواب
المعاملات والإيقاعات والأحكام دون العبادات ، وعموم الفتوى لجميع أبواب الفقه.
فظهر أن الحاجة
إلى المفتي أمسّ منها إلى الراوي والقاضي ،
__________________