[في المستدل]
وهو كل من أتقن هذه العلوم ، وعرف كيفية هذا السلوك ، واهتدى إلى هذه المطالب ، وكان له في نفسه قوة على استنباط الفروع ، والحوادث المتجددة من الاصول المحفوظة ، والضوابط المتأصلة ، ويسمى بالمجتهد وهو المتصف بالاجتهاد.
وهو لغة : استفراغ الوسع في تحصيل أمر مشق (١).
واصطلاحا : استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالمسائل الفرعية عن أدلتها التفصيلية (٢) ، بحيث لا مزيد عليه بالنسبة إلى وسعه وطاقته.
فالحادثة التي يبحث عنها المستدل ليعرف حكمها ، إن اختصت به من حيث احتياجه إلى العمل بها ، لم يشترط فيه غير علمه بكيفية مأخذها ، اطلاعه على الأصل الذي يجب رجوع حكمها إليه ، وتحصيل الأمارة الراجحة السالمة عن المعارض عنده ، بحسب غلبة ظنه على ما يقتضيه نظره ، فإن ذلك هو ما كلفه الله تعالى من كيفية التوصل إلى التكاليف ، والعمل بأحكام الشريعة.
فحينئذ يجب عليه العمل بما يؤديه نظره إليه من حكم تلك الحادثة ، ولا يصح له الرجوع في حكمها إلى قول غيره ، سواء كان أعلم منه ، أو مساويا له حيا أو ميتا ، لقدرته على تحصيل الحكم بطريق العلم ، فلا يصح
__________________
(١) لسان العرب : مادة جهد ج ٢ ص ٣٩٧.
(٢) كما عن الحاجبي في شرح مختصر الاصول ص ٤٦٠. والعلامة في مبادئ الوصول إلى علم الاصول : في الاجتهاد ص ٢٤٠. والشيخ بهاء الدين في الزبدة : المنهج الرابع في الاجتهاد والتقليد : ص ١١٥.