ومن سورة قريش
قوله عزوجل : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) (١).
يقول القائل : كيف ابتدئ الكلام بلام خافضة ليس بعدها شىء يرتفع (١) بها؟ فالقول فى ذلك على وجهين.
قال بعضهم : [١٤٩ / ب] كانت موصلة بألم تر كيف فعل ربك ، وذلك أنه ذكّر أهل مكة عظيم النعمة عليهم فيما صنع بالحبشة ، ثم قال : (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) أيضا ، كأنه قال : ذلك إلى نعمته عليهم فى رحلة الشتاء والصيف ، فتقول : نعمة إلى نعمة ونعمة لنعمة سواء فى (٢) المعنى.
ويقال : إنه تبارك وتعالى عجّب نبيه صلىاللهعليهوسلم ، فقال : اعجب يا محمد لنعم الله تبارك وتعالى على قريش فى إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، ثم قال : فلا يتشاغلن بذلك عن اتباعك وعن الإيمان بالله. (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) (٣) «والإيلاف» قرأ عاصم والأعمش بالياء بعد الهمزة ، وقرأه بعض أهل المدينة «إلفهم» مقصورة فى الحرفين جميعا ، وقرأ بعض القراء : (إلفهم). وكل صواب (٣). ولم يختلفوا فى نصب الرحلة بإيقاع الإيلاف عليها ، ولو خفضها خافض بجعل الرحلة هى الإيلاف كقولك : العجب لرحلتهم شتاء وصيفا. ولو نصب ، إيلافهم ، أو إلفهم على أن تجعله مصدرا ولا تكرّه على أول الكلام كان صوابا ؛ كأنك قلت : العجب لدخولك دخولا دارنا. يكون (٤) الإيلاف وهو مضاف مثل هذا المعنى كما قال : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) (٥).
__________________
(١) كذا فى ش : وفى ب ، ح : ترتفع تصحيف.
(٢) سقط فى ش : سواء المعنى.
(٣) اختلف فى «إلافهم» : فأبو جعفر بهمزة مكسورة بلا ياء كقراءة ابن عامر فى الأولى ، فهو مصدر ألف ثلاثيا ، والباقون بالهمزة وياء ساكنة بعدها ، فكلهم على إثبات الياء فى الثاني غير أبى جعفر (الإتحاف : ٤٤٤).
وقد جمع القراءات المروية هنا من قال :
زعمتم أن إخوتكم قريش |
|
لهم إلف ، وليس لكم آلاف |
(تفسير الزمخشري ٤ / ٢٣٥).
(٤) فى ش : فيكون.
(٥) سورة الزلزلة الآية : ١.