عن عمرو بن دينار قال ، «فاتت عبيد بن عمير ركعة من المغرب ، فقام يقضيها فسمعته يقرأ : «فأنذرتكم نارا تتلظّى (١)» : قال الفراء ورأيتها فى مصحف عبد الله : «تتلظّى» بتاءين.
وقوله عزوجل : (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى) (١٥).
إلّا من كان شقيا فى علم الله.
وقوله عزوجل : (الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (١٦).
لم يكن كذّب بردّ ظاهر ، ولكنه قصّر عما أمر به من الطاعة ، فجعل تكذيبا ، كما تقول : لقى فلان العدو ؛ فكذب إذا نكل ورجع. قال الفراء : وسمعت أبا ثروان يقول : إنّ بنى نمير ليس لجدهم (٢) مكذوبة. يقول : إذا لقوا صدقوا القتال ولم يرجعوا ، وكذلك قول الله تبارك وتعالى : (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) (٣) يقول : هى حق.
وقوله عزوجل : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) (١٧) أبو بكر.
وقوله عزوجل : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) (١٩).
يقول : لم ينفق (٤) نفقته مكافأة ليد أحد عنده ، ولكن أنفقها ابتغاء وجه ربه ، فإلّا فى هذا الموضع بمعنى (لكن) وقد يجوز أن تجعل الفعل فى المكافأة (٥) مستقبلا ، فتقول : ولم يرد مما (٦) أنفق مكافأة من أحد. ويكون موقع اللام التي فى أحد ـ فى الهاء التي [١٤١ / ب] خفضتها عنده ، فكأنك قلت : وماله عند أحد فيما أنفق من نعمة يلتمس ثوابها ، وكلا الوجهين حسن ، قال الفراء : ما أدرى أي الوجهين أحسن ، وقد تضع العرب الحرف فى غير موضعه إذا كان المعنى معروفا وقد قال الشاعر (٧).
لقد خفت حتى ما تزيد مخافتى |
|
على وعل فى ذى المكاره عاقل |
__________________
(١) وكذلك قرأ ابن الزبير ، وزيد بن على ، وطلحة ، وسفيان بن عيينة. (البحر المحيط ٨ / ٤٨٤).
(٢) وفى الأصول : «لحرهم» والتصويب من «القرطبى : جامع البيان ٢٠ : ٨٧».
(٣) سورة الواقعة الآية : ٢.
(٤) فى ش : لم يكن ينفق.
(٥) فى ش : المكافآت.
(٦) فى ش : بما.
(٧) البيت للنابغة الذبياني ، وقد استشهد به القرطبي فى الجزء (٢ : ٨١) والجزء (٢٠ : ٢٢٧) فليرجع إليه هناك.