وكلت لك ، وسمعت أعرابية تقول : إذا صدر الناس أتينا التاجر ، فيكيلنا المدّ والمدّين إلى الموسم المقبل ، فهذا شاهد ، وهو من كلام أهل الحجاز ، ومن جاورهم من قيس.
وقوله عزوجل : (اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ) (٢).
يريد : اكتالوا من الناس ، وهما تعتقبان : على ومن ـ فى هذا الموضع ؛ لأنه حقّ عليه ؛ فإذا قال : اكتلت عليك ، فكأنه قال : أخذت ما عليك ، وإذا قال : اكتلت منك ، فهو كقولك : استوفيت منك.
وقوله عزوجل : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) (٦).
هو تفسير اليوم المخفوض لمّا ألقى اللام من الثاني ردّه إلى (مَبْعُوثُونَ) ، (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) فلو خفضت يوم بالرّد على اليوم الأوّل كان صوابا.
وقد تكون فى موضع خفض (١) إلّا أنها أضيفت إلى يفعل ، فنصبت إذ أضيفت إلى غير محض (٢) ، ولو رفع على ذلك (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) كما قال الشاعر :
فكنت كذى رجلين : رجل صحيحة |
|
وأخرى رمى فيها الزّمان فشلّت (٣). |
وقوله عزوجل : (وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ) (٨).
ذكروا أنها الصخرة التي تحت الأرض ، ونرى أنه صفة من صفاتها ؛ لأنه لو كان لها اسما لم يجر.
وإن قلت : أجريته لأنى ذهبت بالصخرة إلى أنها الحجر الذي فيه الكتاب كان وجها.
وقوله عزوجل : (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (١٤).
يقول : كثرت المعاصي والذنوب منهم ، فأحاطت بقلوبهم فذلك الرّين عليها. وجاء فى الحديث : إن عمر (٤) بن الخطاب رحمهالله ، قال للأسيفع (٥) أصبح قدرين به. يقول : قد أحاط بماله [١٣١ / ب] ، الدين وأنشدنى بعض العرب (٦) :
__________________
(١) فى الكشاف (٢ : ٥٣١) : وقرىء بالجر بدلا من (يوم عظيم).
(٢) فى ش : مخفوض.
(٣) البيت لكثير عزة ، والرفع على القطع ، وهو وجه جائز مع الجر على البدل. (الكتاب ١ : ٢١٥) وانظر (الخزانة ٢ / ٢٧٦).
(٤) هذه رواية ش ، وبقية النسخ : «أن فى عن عمر» ش : أن عمر قال.
(٥) أسيفع جهينة ، روى أن عمر خطب فقال : ألا إن الأسيفع أسيفع جهينة قد رضى من دينه وأمانته ، بأن يقال : سبق الحاج فادّان معرضا ، وأصبح قدرين به (اللسان مادة : رين).
(٦) فى اللسان : أنشده ابن الأعرابى ١٣ / ١٩٣ ، والرواية فيه :
ضحيت حتّى أظهرت ورين بي |
|
ورين بالسّاقى الذي كان معى |