[١٢٣ / ا] وقوله عزوجل : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) (٢٣).
حدّثت عن الأعمش أنه قال : بلغنا عن علقمة أنه قرأ «لبثين (١)» وهى قراءة (٢) أصحاب عبد الله. والناس بعد يقرءون : (لابثين) ، وهو أجود الوجهين ؛ لأن (لابثين) إذا كانت فى موضع تقع فتنصب كانت بالألف ، مثل : الطامع ، والباخل عن قليل. والّلبث : البطيء ، وهو جائز ، كما يقال : رجل طمع وطامع. ولو قلت : هذا طمع فيما قبلك كان جائزا ، وقال لبيد :
أو مسحل عمل عضادة سمحج |
|
بسراتها ندب له وكلوم (٣) |
فأوقع عمل على العضادة ، ولو كانت عاملا كان أبين فى العربية ، وكذلك إذا قلت للرجل : ضرّاب ، وضروب فلا توقعنهما على شىء لأنهما مدح ، فإذا احتاج الشاعر إلى إيقاعهما فعل ، أنشدنى بعضهم :
وبالفأس ضرّاب رءوس الكرانف
واحدها : كرنافة ، وهى أصول السقف. ويقال : الحقب ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، اليوم منها ألف سنة من عدد أهل الدنيا (٤).
وقوله عزوجل : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) (٢٤).
[حدثنا أبو العباس قال (٥)] : حدثنا محمد قال : حدثنا الفراء قال : حدثنى حبّان عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس قال : لا يذقون فيها برد الشراب ولا الشراب ، وقال بعضهم : لا يذقون فيها بردا ، يريد : نوما ، قال الفراء : وإن النوم ليبرد صاحبه. وإن العطشان لينام ؛ فيبرد بالنوم.
__________________
(١) ممن قرأ بها زيد بن على وابن وثاب وعمرو بن ميمون وعمرو بن شر حبيل وطلحة والأعمش وحمزة وقتيبة (البحر المحيط ٨ / ٤١٣).
(٢) فى ش : وهى فى قراءة
(٣) المسحل : الفحل من الحمر ، وسحيله : صوته ، عضادة : جانب. السمجح : الأتان الطويلة الظهر ، سراتها : أعلى ظهرها. ندب : خدوش وآثار. وكلوم : جراحات من عضه إياها. والبيت فى ديوان لبيد : ١٢٥
وقبله : حرف أضربها السفار كأنها |
|
بعد الكلال مسدم محجوم |
وفيه سنق مكان عمل ، والسنق : الذي كره الأكل من الشبع.
والبيت من شواهد سيبويه : ١ ؛ ٥٧ وفيه شنج مكان شنق ، ومعناه : ملازم. والسمحج : الطويلة على وجه الأرض
(٤) أورد اللسان؟ كلام الفراء هنا ، وزاد بعد قوله : من عدد أهل الدنيا ما يأتى : قول الفراء. وليس هذا مما يدل على غاية كما يظن بعض الناس ؛ وإنما يدل على الغاية التوقيت ، خمسة أحقاب أو عشرة أحقاب ، والمعنى : أنهم يلبثون فيها أحقابا ، كلما مضى حقب تبعه حقب آخر.
(٥) زيادة من ش.