وأنكرتنى ، وما كان الّذى نكرت |
|
من الحوادث إلّا الشيب والصّلعا (١) |
وقوله عزوجل : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً) (٢٥) (أَحْياءً وَأَمْواتاً) (٢٦).
تكفتهم أحياء على ظهرها فى بيوتهم ومنازلهم ، وتكفتهم أمواتا فى بطنها ، أي : تحفظهم وتحرزهم. ونصبك الأحياء والأموات بوقوع الكفات عليه ، كأنك قلت : ألم نجعل الأرض كفات أحياء ، وأموات ، فإذا نونت نصبت ـ كما يقرأ من قرأ : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ، يَتِيماً) (٢) ، وكما يقرأ : (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ) (٣) ، ومثله : (فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) (٤) [١٢١ / ب].
وقوله عزوجل : (إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) (٣٠).
يقال : إنه يخرج لسان من النار ، فيحيط بهم كالسرادق ؛ ثم يتشعب منه ثلاث شعب من دخان فيظلهم ، حتى يفرغ من حسابهم إلى النار.
وقوله عزوجل : (كَالْقَصْرِ) (٣٢)
يريد : القصر من قصور مياه العرب ، وتوحيده وجمعه عربيان ، قال الله تبارك وتعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٥) ، معناه : الأدبار ، وكأن القرآن نزل على ما يستحب العرب من موافقة المقاطع ، ألا ترى أنه قال : (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) (٦) ، فثقل فى (اقتربت) ؛ لأن آياتها مثقلة ، قال : (فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) (٧). فاجتمع القراء على تثقيل الأول ، وتخفيف هذا ، ومثله : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) (٨) ، وقال : (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً) (٩) فأجريت رءوس الآيات على هذه المجاري ، وهو أكثر من أن (١٠) يضبطه الكتاب ، ولكنك تكتفى بهذا منه إن شاء الله.
__________________
(١) من قصيدة فى مدح : هوذة بن على الجعفي ، الديوان : ١٠١.
(٢) الآيتان : ١٤ ، ١٥ من سورة البلد.
(٣) سورة المائدة ، الآية ٩٥.
(٤) سورة البقرة ، الآية ١٨٤. وقد وردت الآية فيما بين أيدينا من النسخ «أو فدية» وهو خطأ.
(٥) سورة القمر ، الآية : ٤٥.
(٦) سورة القمر ، الآية : ٦.
(٧) سورة الطلاق : الآية : ٨.
(٨) سورة الرحمن : الآية : ٥.
(٩) سورة النبأ : الآية : ٣٦.
(١٠) فى ش : من يضبطه ، سقط.