لأن أول الكلام (١) فيه كالنهى إذ ذكر : «والّذين هم لفروجهم حافظون» (٢٩) يقول : فلا يلامون (٢) إلّا على غير أزواجهم ، فجرى الكلام على ملومين التي فى آخره. ومثله أن تقول للرجل : اصنع ما شئت إلا [على] (٣) قتل النفس ، فإنك معذب ، أو فى (٤) قتل النفس ، فمعناه (٥) إلا أنك معذب فى قتل النفس.
وقوله : (وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ) [٣٧).
والعزون : الحلق ، الجماعات كانوا (٦) يجتمعون حول النبي صلى الله عليه فيقولون : لئن دخل هؤلاء الجنة ـ كما يقول محمد صلى الله عليه ـ لندخلنها قبلهم ، وليكونن لنا فيها أكثر مما لهم ، فأنزل الله : (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨).)
قرأ الناس : «أن يدخل» لا يسمّى فاعله [٢١٧ / ا] وقرأ الحسن : () [١] ، جعل له الفعل ، ثم بيّن الله عزوجل فقال : ولم يحتقرونهم ، وقد خلقناهم جميعا (مِمَّا يَعْلَمُونَ) من تراب؟.
وقوله : (إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) (٤٣). الإيفاض : الإسراع. وقال الشاعر (٨) :
لأنعتن نعامة ميفاضا |
|
خرجاء ظلت تطلب الإضاضا |
قال : الخرجاء فى اللون ، فإذا رقّع القميص الأبيض برقعة حمراء فهو أخرج ، تطلب الإضاضا : أي تطلب موضعا تدخل فيه ، وتلجأ إليه. قرأ الأعمش وعاصم : «إلى نصب» إلى شىء منصوب يستبقون إليه. وقرأ (٩) زيد بن ثابت : (إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) (١٠) فكأنّ النّصب الآلهة التي كانت تعبد [من دون الله] (١١) وكلّ صواب ، (١٢) ، وهو واحد ، والجمع : أنصاب.
__________________
(١) كذا فى ح ، ش وفى سواهما (الكتاب) ، وما أثبتناه أوضح.
(٢) فى ش : يلومون ، تحريف.
(٣) التكملة من ب ، ح.
(٤) فى ب : وفى.
(٥) فى ش : ومعناه.
(٦) التصحيح من ح ، وفى الأصل : ا ـ كان.
(٧) وهى أيضا قراءة طلحة بن مصرف ، والأعرج ، ورواه المفضل عن عاصم (تفسير القرطبي ١٨ / ٢٩٤).
(٨) لم أعثر على قائله. (وفى الطبري ٢٩ : ٨٩ تغدو مكان ظلت)
(٩) سقط فى ح.
(١٠) سقط فى ح ، ش.
(١١) التكملة من ب.
(١٢) قراءة : نصب كسقف وسقف أو جمع نصاب ككتاب وكتب هى قراءة ابن عامر وحفص (الإتحاف ٤٢٤)