ثم قال : كى لا يكون ذلك الفيء دولة بين الأغنياء ـ الرؤساء ـ يعمل به كما كان (١) يعمل فى الجاهلية ، ونزل فى الرؤساء : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٧) فرضوا. والدّولة : قرأها (٢) الناس برفع الدال إلا السّلمىّ ـ فيما أعلم ـ فإنه قرأ : دولة : بالفتح ، وليس هذا للدّولة بموضع إنما الدّولة فى الجيشين يهزم هذا هذا ، ثم يهزم الهازم ، فتقول : قد رجعت الدولة على هؤلاء ، كأنها المرة (٣) ، والدّولة فى الملك والسنن التي تغيّر (٤) وتبدّل على الدهر ، فتلك الدّولة (٥).
وقد قرأ بعض العرب : (دولة) ، وأكثرهم نصبها (٦) وبعضهم : يكون ، وبعضهم : تكون (٧).
وقوله : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (٩)
يعنى : الأنصار ، يحبون من هاجر إليهم لما أعطى المهاجرون ما قسم لهم النبي صلّى الله عليه من فىء بنى النضير لم يأمن على غيرهم أن يحسدهم إذ لم يقسم لهم. فقال النبي صلّى الله عليه للأنصار : إن شئتم قسمتم لهم من دوركم وأموالكم ، وقسمت لكم كما قسمت لهم ، وإما أن يكون لهم القسم ، ولكم دياركم وأموالكم ، فقالوا : لا ، بل تقسم لهم من ديارنا وأموالنا ولا نشاركهم فى القسم ، فأنزل الله جل وعز هذه الآيات ثناء على الأنصار ، فقال : (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ) (٩) يعنى المهاجرين : (وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ) (٩) الآية.
وفى قراءة عبد الله : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) (١٠) يعنى المهاجرين : يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا (٨) الذين تبوءوا الإيمان من قبل ، وألّف بين قلوبنا ، ولا تجعل فيها غمرا (٩) للذين آمنوا.
__________________
(١) الزيادة من ب ، ح ، ش.
(٢) فى ح : قرأ.
(٣) فى ش : المرأة ، تحريف.
(٤) فى ح ، التي لا تغير وتبدّل.
(٥) قال ابن جنى فى المحتسب : ٢ / ٣١٦ : منهم من لا يفصل بين الدّولة والدّولة : ومنهم من يفصل فيقول : الدّولة فى السلك ، والدّولة فى السلك.
(٦) قرأ هشام بالتذكير مع النصب. وأبو جعفر وعن هشام : تكون بتاء التأنيث دولة بالرفع على أنّ كان تامة (الإتحاف ٤١٣).
(٧) قرأ بالتاء عبد الله وأبو جعفر وهشام ، والجمهور بالياء (البحر المحيط ٨ / ٢٤٥).
(٨) لا ، مكررة فى ش خطأ.
(٩) كذا فى ب ، ح ، ش ، والغمر ، بالتحريك : الحقه.