وقوله : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا) [١٤] يعنى الملائكة فظلّت تصعد من ذلك الباب وتنزل (لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) ويقال (سكرت (١)) ومعناهما متقارب. فأما سكّرت فحبست ، العرب : تقول : قد سكرت الريح إذا سكنت وركدت. ويقال : أغشيت ، فالغشاء والحيس قريب من السّواء.
وقوله : (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ) [١٨] يقول : لا يخطنه ، إمّا قتله وإمّا خبّله.
وقوله : (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) [١٩] أي دحوناها وهو البسط (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها) أي فى الجبال (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) يقول : من الذهب والفضّة والرّصاص والنحاس والحديد فذلك الموزون.
وقوله : (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) [٢٠] أراد الأرض (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) فمن فى موضع نصب يقول : جعلنا لكم فيها المعايش والعبيد والإماء.
قد جاء أنهم الوحوش والبهائم و (من) لا يفرد بها البهائم ولا ما سوى الناس. فإن يكن ذلك على ما روى فنرى أنهم أدخل فيهم المماليك ، على أنا ملّكنا كم العبيد والإبل والغنم وما أشبه ذلك ، فجاز ذلك.
وقد يقال : إن (من) فى موضع خفض يراد : جعلنا لكم فيها معايش ولمن. وما أقلّ ما ترد العرب مخفوضا على مخفوض قد كنى عنه. وقد قال الشاعر (٢) :
تعلّق فى مثل السواري سيوفنا |
|
وما بينها والكعب غوط نفانف |
فردّ الكعب على (بينها) وقال آخر :
هلّا سألت بذي الجماجم عنهم |
|
وأبى نعيم ذى اللّواء المحرق |
__________________
(١) هى قراءة بن كثير.
(٢) هو مسكين الدارمي كما فى الحيوان. والسواري جمع سارية وهى الأسطوانة يريد أنهم طوال القامات. والغوط : المتخنض من الأرض. والنفانف جمع نفنف وهو الهواء بين الجبلين.