وقوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) [٢٧] يقال : بلا إله إلا الله فهذا فى الدنيا. وإذا سئل عنها فى القبر بعد موته قالها إذا كان من أهل السّعادة ، وإذا كان من أهل الشقاوة (١) لم يقلها. فذلك قوله ـ عزوجل ـ (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) عنها أي عن قول لا إله إلا الله (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) [٢٩] أي لا تنكروا له قدرة (٢) ولا يسأل عما يفعل.
وقوله : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) [٢٩] منصوبة على تفسير (دارَ الْبَوارِ) فردّ عليها ولو رفعت على الائتناف إذا انفصلت من الآية كان صوابا. فيكون الرفع على وجهين : أحدهما الابتداء. والآخر أن ترفعها بعائد ذكرها ؛ كما قال (بِشَرٍّ (٣) مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا).
وقوله : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) [٣١] جزمت (يُقِيمُوا) بتأويل الجزاء. ومعناه ـ والله أعلم ـ معنى أمر ؛ كقولك : قل لعبد الله يذهب عنا ، تريد : اذهب عنا فجزم بنيّة الجواب للجزم ، وتأويله الأمر ، ولم يجزم على الحكاية. ولو كان جزمه على محض الحكاية لجاز أن تقول : قلت لك تذهب يا هذا (٤) وإنما جزم كما جزم قوله : دعه ينم ، (فَذَرُوها (٥) تَأْكُلْ) والتأويل ـ والله أعلم ـ ذروها فلتأكل. ومثله (قُلْ (٦) لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ) ومثله (وَقُلْ (٧) لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
وقوله ـ تبارك وتعالى ـ : (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) [٣٤] تضيف (كلّ) إلى (ما) وهى قراءة العامّة. وقد قرأ بعضهم (٨) (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) وكأنهم ذهبوا إلى أنا لم نسأل الله
__________________
(١) ا : «الشقوة»
(٢) ش ، ب «قوة»
(٣) الآية ٧٢ سورة الحج
(٤) ا : «فتى»
(٥) الآية ٧٣ سورة الأعراف ، والآية ٦٤ سورة هود
(٦) الآية ١٤ سورة الجاثية
(٧) الآية ٥٣ سورة الإسراء
(٨) هى قراءة الحسن والأعمش كما فى الإتحاف