وقوله : (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً) يذهب لا منفعة له ، كذلك ما سكن فى قلب من لم يؤمن وعبد آلهته وصار لا شىء فى يده (وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) فهذا مثل المؤمن.
ثم قال عزوجل : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ) من الذهب والفضة والنّحاس زبد كزبد السيل يعنى خبثه الذي تحصّله النار فتخرجه من الذهب والفضّة بمنزلة الزبد فى السيل.
وأمّا قوله : (ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ) يقول : يوقدون عليه فى النار يبتغون به الحلّى والمتاع ما يكون من النحاس والحديد هو زبد مثله.
وقوله : (فَيَذْهَبُ جُفاءً) ممدود أصله الهمز يقول : جفأ الوادي غثاءه (١) جفئا. وقيل : الجفاء : كما قيل : الغثاء : وكل مصدر اجتمع بعضه إلى بعض مثل القماش (٢) والدّقاق (٣) والغثاء والحطام فهو مصدر. ويكون فى مذهب اسم على هذا المعنى ؛ كما كان العطاء اسما على الإعطاء ، فكذلك الجفاء والقماش لو أردت مصدره قلت : قمشته قمشا. والجفاء أي يذهب سريعا كما جاء.
وقوله : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) [٢٣](سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [٢٤].
يقولون : سلام عليكم. القول مضمر ؛ كقوله : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ (٤) عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا) [٢٧] أي يقولون : ربنا ثم تركت
وقوله : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) [٢٧].
أي يوسّع ويقدر (أي (٥) يقدر ويقتّر) ويقال يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر له فى ذلك أي
__________________
(١) الغثاء ما يحمله السيل من ورق الشجر البالي والزبد وغيره وجف الوادي له : رميه إياه.
(٢) القماش : ما يجمع من هنا وهناك.
(٣) الدقاق : فتات كل شىء.
(٤) الآية ١٢ سورة السجدة.
(٥) سقط ما بين القوسين فى ا.