وقوله : (إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [٣٦] يقول : من العالمين قد أحسنت العلم. حدّثنا الفراء قال : حدّثنا ابن (١) الغسيل الأنصارىّ عن عكرمة قال : الحين حينان : حين لا يدرك وهو قوله عزوجل : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) (قال (٢) الفرّاء فهذا يقلّ ويكثر) ليست له غاية. قال عكرمة : وحين يدرك وهو قوله : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) يعنى ستّة أشهر.
وقوله : (إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ) [٣٧] يقول : بسببه وألوانه. وقوله : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) العرب لا تجمع اسمين قد كنى عنهما ليس بينهما شىء إلّا أن ينووا التكرير وإفهام المكلّم ؛ فإذا أرادوا ذلك قالوا : أنت أنت فعلت ، وهو هو أخذها. ولا يجوز أن نجعل الآخرة توكيدا للأولى ، لأن لفظهما واحد. ولكنهم إذا وصلوا الأوّل بناصب أو خافض أو رافع أدخلوا له اسمه فكان توكيدا. أمّا المنصوب فقولك : ضربتك أنت ، والمخفوض : مررت بك أنت ، والمرفوع : قمت أنت. وإنما فعلوا ذلك لأن الأوّل قلّ واختلف لفظه ، فأدخلوا اسمه المبتدأ. فإذا قالوا : أنت فينا أنت راغب ففرقوا بينهما بصفة (٣) قالوا ذلك ، وكأنه فى مذهبه بمنزلة قوله : (كُتِبَ (٤) عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) كأنّ الأوّل ملغى والاتّكاء والخبر عن الثاني. وكذلك قوله : (أَيَعِدُكُمْ (٥) أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ) ثم قال : (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) وهما جميعا فى معنى واحد ، إلا أن ذلك جاز حين فرق بينهما بإذا. ومثله : (وَهُمْ (٦) بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ).
وقوله : (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي) [٣٨] تهمز وتثبت فيها الياء. وأصحابنا يروون عن الأعمش
__________________
(١) فى الأصول : «العسيل» والظاهر ما أثبت. والغسيل حنظلة بن أبى عامر الأنصاري ، وأولاده ينسبون اليه. وانظر التاج فى غسل.
(٢) ما بين القوسين كتب فى ا بعد قوله. «ستة أشهر».
(٣) يريد الجار والمجرور : (فينا).
(٤) الآية ٤ سورة الحج.
(٥) الآية ٣٥ سورة المؤمنين.
(٦) الآية ٤ سورة لقمان.