وقوله : (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [٩] يقول : أما يعلمون أنهم حيثما كانوا فهم يرون بين أيديهم من الأرض والسّماء مثل الذي خلفهم ، وأنهم لا يخرجون منها. فكيف يأمنون أن نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم من السّماء عذابا.
وقوله : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) [١٠] اجتمعت القراء الذين يعرفون على تشديد (أَوِّبِي) ومعناه : سبّحى. وقرأ بعضهم (١) (أوبي معه) من آب يؤوب أي تصرّفى معه. و (الطَّيْرَ) منصوبة على جهتين : إحداهما أن تنصبها بالفعل بقوله : ولقد آتينا داود منّا فضلا. وسخّرنا له الطير.
فيكون مثل قولك : أطعمته طعاما وماء ، تريد : وسقيته ماء. فيجوز ذلك. والوجه الآخر بالنداء ، لأنك إذا قلت : يا عمرو والصلت أقبلا ، نصبت الصّلت لأنه إنما يدعى بيا أيّها ، فإذا فقدتها كان كالمعدول عن جهته فنصب. وقد يجوز رفعه على أن يتبع ما قبله. ويجوز رفعه على : أوّبى أنت (٢) والطير. وأنشدنى بعض العرب فى النداء إذا نصب لفقده يا أيّها :
ألا يا عمرو والضحّاك سيرا |
|
فقد جاوزتما خمر الطريق |
الخمر : ما سترك من الشجر وغيرها (وقد يجوز (٣)) نصب (الضحّاك) ورفعه. وقال الآخر :
يا طلحة الكامل وابن الكامل
والنعت يجرى فى الحرف المنادى ، كما يجرى المعطوف : ينصب ويرفع ، ألا ترى أنك تقول : إن أخاك قائم وزيد ، وإن أخاك قائم [و (٤)] زيدا (٥) فيجرى المعطوف فى إنّ بعد الفعل مجرى النعت بعد الفعل.
وقوله : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) أسيل له الحديد ، فكان يعمل به ما شاء. كما يعمل بالطين.
__________________
(١) هو الحسن كما فى الإتحاف.
(٢) أي بالعطف على الضمير المرفوع فى قوله : «أوبى».
(٣) ش ، ب : «فيجوز».
(٤) زيادة يقتضيها السياق. وقوله «زيدا» فى الأصول : «زيد» والمناسب ما أثبت.
(٥) زيادة يقتضيها السياق. وقوله «زيدا» فى الأصول : «زيد» والمناسب ما أثبت.