وقوله (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ) الفعل للعينين : لا تنصرف عيناك عنهم. وهذه نزلت فى سلمان وأصحابه.
وقوله (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) متروكا قد ترك فيه الطاعة وغفل عنها. ويقال إنه أفرط فى القول فقال : نحن رءوس مضر وأشرافها ، وليس كذلك. وهو عيينة ابن حصن. وقد ذكرنا (١) حديثه فى سورة الأنعام.
وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ) [٣٠] خبر (الَّذِينَ آمَنُوا) فى قوله (إِنَّا لا نُضِيعُ) وهو مثل قول الشاعر :
إن الخليفة إنّ الله سربله |
|
سربال ملك بها تزجى الخواتيم (٢) |
كأنه فى المعنى : إنا لا نضيع أجر من عمل صالحا فترك الكلام الأول واعتمد على الثاني بنيّة التكرير ؛ كما قال (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) (٣) ثم قال (قِتالٍ فِيهِ) يريد : عن قتال فيه بالتكرير ويكون أن تجعل (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا) فى مذهب جزاء ، كقولك : إن من عمل صالحا فإنا لا نضيع أجره ، ب : فتضمر فتضمّن الفاء فى قوله (فإنا) وإلقاؤها جائز. وهو أحبّ الوجوه إلىّ. وإن شئت جعلت خبرهم مؤخّرا كأنك قلت : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم جنّات عدن.
وقوله : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) [٣١] لو ألقيت (من) من الأساور كانت نصبا. ولو ألقيت (من) من الذهب جاز نصبه على بعض القبح ، لأن الأساور ليس بمعلوم عددها ، وإنما يحسن (٤)
__________________
(١) انظر ص ٣٣٦ من الجزء الأولى.
(٢) «بها» كذا والسربال مذكر فكأنه أراد الحلة. وفى الطبري : «به» وقوله : «تزجى» أي تدفع وتساق. وفى الطبري : «ترجى».
(٣) الآية ٢١٧ سورة البقرة.
(٤) ا : «حسن».