ومثله (وَمَنْ (١) يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً) و (يَعْمَلْ صالِحاً) فمن ذكره ردّ آخره على أوّله (٢) ، ومن أنّث ذهب إلى أن (من) فى موضع تأنيث ، فذهب إلى تأنيثها. وأنشدنا بعض العرب :
هيا أمّ عمرو من يكن عقر داره |
|
جواء عدىّ يأكل الحشرات (٣) |
ويسودّ من لفح السموم جبينه |
|
ويعر وإن كانوا ذوى نكرات (٤) |
فرجع فى (كانوا) إلى معنى الجمع وفى قراءة عبد الله ـ فيما أعلم ـ (ومنكم (٥) من يكون شيوخا) ولم يقل (شيخا) وقد قال الفرزدق :
تعشّ فإن واثقتني لا تخوننى |
|
نكن مثل من يا ذئب يصطحبان |
وأنت امرؤ يا ذئب والغدر كنتما |
|
أخيّين كانا أرضعا بلبان (٦) |
فثنّى (يصطحبان) وهو فعل لمن لأنه نواه ونفسه.
وقوله : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً) [٧٥] ضرب مثلا للصنم الذي يعبدون أنه لا يقدر على شىء ، (وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) أي يحمله ، فقال : هل يستوى هذا الصنم (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) فقال : لا تسوّوا بين الصنم وبين الله تبارك وتعالى.
وقوله : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ) [٨٠] يعنى الفساطيط (٧) للسفر ، وبيوت العرب التي
__________________
(١) الآية ٣١ سورة الأحزاب. وقراءة الياء لحمزة والكسائي وخلف ، وقراءة التاء لغيرهم
(٢) هو التذكير فى (يقنت).
(٣) عقر الدار أصلها ، ويفسر بمحلة القوم. وقوله : «جواء عدى» ففى ش : «حوى» والجواء الواسع من الأودية ، وهو أيضا موضع بالصمان فى نجد كما فى معجم البلدان ، والحوى من معانيه الحوض الصغير.
(٤) «نكرات» جمع نكرة ـ بالتحريك ـ وهو اسم من الإنكار ، يراد به استنكار ما لا يوافقهم وذلك من سمات القدرة والحفيظة.
(٥) كأن ذلك بدل قوله تعالى : «ومنكم من يرد إلى أرذل العمر» في الآيتين ٧٠ سورة النحل ، ٥ سورة الحج.
(٦) كان الفرزدق طرقه فى سفره ذئب فألقى إليه كتف شاة مشوية وذكر ذلك فى هذه القصيدة ، واللبان الرضاع.
وانظر الديوان ٨٧٠ ، وأمالى ابن الشجري ٢ / ٣١١
(٧) جمع الفسطاط ؛ وهو بيت من الشعر.