إنّ جميع علماء الشيعة ومتكلّميهم تقريباً كان لهم في بغداد تعاط علميّ ومناضرات مع أهل السنّة والمعتزلة في عهد آل بويه ، فإنّ نقل الأقوال من مصنّفات أهل السنّة ونقدهم وتقييم أقوالهم في مؤلّفات الشيخ المفيد والشريف المرتضى والشريف الرضي أكثر بكثير ممّا نقله العلماء والمحدّثون الشيعة من القمّيين في الحقبة نفسها ، فإنّ العلماء والفقهاء الشيعة في بغداد في غضون القرنين الرابع والخامس الهجري كانوا دائماً يرغبون في المشاركة في البحوث العقلية والنقلية لعلم الكلام في أصل مناضراتهم الكلامية خلافاً لمدرسة المحدّثين في قم الذين كانوا يميليون إلى المسلك الأخباري ، وقد تأثّر علم التفسير وعلم الكلام الشيعي ببعض علماء بغداد من المعتزلة وذلك لمجاورة علماء الشيعة لعلماء المعتزلة ومقابلتهم لهم أحياناً ، وقلّ ما نرى هذا التأثير في مصنّفات الشيخ المفيد ، في حين نراه واضحاً في مصنّفات الشريفين الرضي والمرتضى ، وكذلك الشيخ الطوسي(١) الذي هو من أبرز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرائع : ١ / ١٩٠ ، ٢٣٤ ؛ الأمالي للطوسي : ص ١٥٤ ،٤٨٢ ،٥٠٢ ،٥٠٦ ،٥١٣ ، ٥٨١ ، ٥٩٦.
(١) لقد عدّ الشريف الرضي نفسه تلميذاً لعلي بن عيسى الربعي ، أبو بكر محمّد بن موسى الخوارزمي ، القاضي عبد الجبار المعتزلي وأبو الفتوح ابن جنّي. انظر : حقائق التأويل ، ص ٣٠ ، ٨٧ ، ٢٥٣ ، ٣٣١ ؛ الشريف الرضي بين مجازات القرآن والحديث ؛ تلخيص البيان في مجازات القرآن ص ٨٧ ـ ٩١ ؛ ويقول الشريف الرضي في المجازات النبوية (ص ١٨٠ ، ٣٦٢) بأنّه قرأ كتاب العمدة في أصول الفقه وكتاب شرح الأصول الخمسة على القاضي عبدالجبّار المعتزلي ؛ والشيخ المفيد قرأ على أبي عبد الله