الجهد يؤكّد على أنّ المصدر الأوّل والأساسي في الفقه والفكر الشيعي على نحو العموم هو القرآن الكريم ، سيّما بملاحظة أنّ أصول الفقه تمثّل منطق العلوم الدينية ،وبالتالي يكون هذا البحث ردّاً عملياً على تلك الشبهة.
والثاني : إنّ قواعد أصول الفقه الراجعة إلى طريقة الاستفادة من النصوص الشرعية والتي عليها المدار في استنباط الأحكام الشرعية هي قواعد عقلائية عامّة درج عليها العقلاء ، أو عرفية خاصّة ، ولم يكن للشارع المقدّس طريقة خاصّة يستعملها في خطابه مع المكلّفين ، وبالتالي فإثباتها من خلال القرآن الكريم يكون من أحد طريقين : أحدهما : أن يشير إلى القاعدة كما في الأخذ بخبر الواحد الثقة في آية النبأ ، والأخرى : يكون من خلال تطبيق تلك القواعد كما في رجوعه للاستصحاب في كثير من المواطن.
ولا يخفى أنّ المصنّف وإن كان موفّقاً في كثير من الموارد في الرجوع إلى الأصول القرآنية إلاّ أنّه في بعض الأحيان لا يخلو من تكلّف في ذلك ، كما في الاستدلال بقوله تعالى : (ما جَعَلَ الله لِرَجُل مِن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)(١) ، على عدم جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ، وواضح التكلّف في الاستدلال بالأمر التكويني على الاستعمال العرفي ، إلاّ على مبنى أنّ وزان الاعتبار على وزان التكوين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الأحزاب : ٣٣/٣.