وقيل : إنّ الكلام قد تمّ عند قوله : ﴿مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ﴾ وقوله : ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ﴾ مبتدأ خبره ( كزرع ) (١). وعلى أيّ تقدير إنّما قوّى الله أصحاب محمد وكثّرهم ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ ويشتدّ غضبهم بإرغام انوفهم وخزيهم.
وقيل : هو علّة لقوله : ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾(٢) بالله ورسوله عن صميم القلب ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾ خالصا ﴿مِنْهُمْ﴾ راجع إلى الكفّار ، فيكون الوعد للكفّار الذين يؤمنون بالرسول ، فتكون كلمة (من) للتبيين على الأول ، وللتبعيض على الثاني (٣).
روى الصدوق عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه سئل فيمن نزلت هذه الآية ؟ قال : « إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أنور ، ونادى مناد : ليقم سيد المؤمنين ومعه الذين آمنوا ، وقد بعث الله محمدا. فيقوم علي بن أبي طالب ، فيعطي الله اللواء من النور الأبيض بيده ، تحته جميع السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، لا يخالطهم غيرهم ، حتى يجلس عليّ على منبر من نور ربّ العزّة ، ويعرض الجميع عليه رجلا بعد رجل ، فيعطى أجره ونوره ، فاذا أتى على آخرهم قيل لهم : قد عرفتم موقفكم ومنزلكم من الجنّة ، إنّ ربّكم يقول لكم : عندي لكم مغفرة وأجر عظيم - يعني في الجنّة - فيقوم علي بن أبي طالب والقوم تحت لوائه معهم ، حتى يدخلهم الجنّة ، ثمّ يرجع إلى منبره ، ولا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين ، فيأخذ نصيبه منهم ، ويذهب بهم إلى الجنة ، ويترك أقواما على النار » (٤) .
روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال « من قرأ سورة الفتح ، [ فكأنّما ] كان ممّن شهد (٥) [ مع محمد ] رسول الله فتح مكّة » (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام. قال : « حصّنوا أموالكم ونساءكم وما ملكت أيمانكم من التّلف بقراءة سورة ( إنّا فتحنا ) فانّه إذا كان ممّن يدمن قراءتها نادى مناد يوم القيامة حتى يسمع الخلائق : أنت من عبادي المخلصين ، ألحقوه بالصالحين من عبادي ، وأسكنوه جنات النعيم ، وأسقوه من الرحيق المختوم بمزاج الكافور » (٧) .
الحمد لله على التوفيق.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٨ : ١٠٨.
(٢) تفسير روح البيان ٩ : ٦٠.
(٣) تفسير الرازي ٢٨ : ١٠٩.
(٤) أمالي الطوسي : ٣٧٨ / ٨١٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٤٦.
(٥) في النسخة : يشهد.
(٦) تفسير روح البيان ٩ : ٦١.
(٧) ثواب الأعمال : ١١٥ ، مجمع البيان ٩ : ١٦٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٤٦.