شاهدا عليه.
﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً
مُسْتَقِيماً * وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً (٢) و (٣)﴾
ثمّ بيّن سبحانه غاية الفتح وفائدته المترتّبة عليه بقوله : ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ﴾ يا محمد ﴿اللهُ﴾ العظيم القادر على كلّ شيء بسبب الفتح الذي فيه إعلاء كلمته وترويج دينه بمكابدة مشاقّ الحروب واقتحام موارد الخطوب ﴿ما تَقَدَّمَ﴾ على الفتح ﴿مِنْ ذَنْبِكَ﴾ وما فرط منك من إقبالك إلى عالم الخلق وتوجّهك إلى غيره لأداء وظيفة الرسالة ، أو من تركك الأولى والأفضل الذي هو ذنب في حقّك ﴿وَما تَأَخَّرَ﴾ منه.
وقيل : إنّ المعنى ليعرف أنّ الله يغفر لك ذنوبك ، فانّ الناس كانوا يعتقدون بعد عام الفيل أنّ الله لا يسلّط على مكة عدوّه المسخوط عليه ، بل لا يفتحها ولا يسلّط عليها إلّا حبيبه المغفور له (١) .
وقيل : إنّ فتح مكّة لمّا صار سببا لتسهيل الحجّ عليه وعلى امّته ، ويكون الحجّ سببا لغفران الذنوب ، بيّن سبحانه أنّ الفتح سبب لغفران ذنوبك إن كان لك ذنب ، حتى يعلم الناس ما في الحجّ من الثواب (٢) .
قيل : إنّه بعد ما ثبت عصمته لا بدّ من القول بكون المراد ذنب امّته ، وخطابه من باب : إياك أعني واسمعي يا جارة (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال عليهالسلام : « ما كان له ذنب ، ولا همّ بذنب ، ولكن الله حملّه ذنوب شيعته ، ثمّ غفرها له » (٤) .
وعنه عليهالسلام : أنّه سئل عنها. فقال : « والله ما كان له ذنب ، ولكن الله تعالى ضمن له أن يغفر ذنوب شيعته على ما تقدّم من ذنبهم وما تأخر » (٥) .
ثمّ بيّن سبحانه فائدته الاخرى بقوله : ﴿وَيُتِمَ﴾ ويكمل بفضله ﴿نِعْمَتَهُ﴾ التي أعظمها إعلاء كلمة الحقّ وضمّ الملك والنبوة ، أو إتمام التكاليف ﴿عَلَيْكَ﴾ فانّ جميع ذلك حصل بعد فتح مكّة ﴿وَيَهْدِيَكَ﴾ في تبليغ الرسالة ، وإقامة مراسم الرئاسة ﴿صِراطاً مُسْتَقِيماً﴾.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٨ : ٧٨.
(٢) مجمع البيان ٩ : ١٦٨ ، تفسير الرازي ٢٨ : ٧٨.
(٣) تفسير الصافي ٥ : ٣٧.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣١٤ مجمع البيان ٩ : ١٦٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧.
(٥) مجمع البيان ٩ : ١٦٨ ، جوامع الجامع : ٤٥٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧.