نمتحن ﴿أَخْبارَكُمْ﴾ بأنكم صادقون في الايمان ، وأنكم ثابتون في نزال الأعداء ، إنه صدق أو كذب.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ
الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ * يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا
اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (٣٢) و (٣٣)﴾
ثم هدد سبحانه الكفار والمنافقين بقوله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بالله ورسوله في الباطن ، أظهر الايمان أو الكفر ﴿وَصَدُّوا﴾ ومنعوا انفسهم أو غيرهم ﴿عَنْ﴾ سلوك ﴿سَبِيلِ اللهِ﴾ والعمل بدين الاسلام ﴿وَشَاقُّوا الرَّسُولَ﴾ وعاندوه وعارضوه ﴿مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ﴾ وو ضح ﴿لَهُمُ الْهُدى﴾ والحق من رسالة محمد صلىاللهعليهوآله وصحة دينه ، بما شاهدوا من معجزاته ونعوته في الكتاب السماواة. قيل : اريد منهم بنو قريظة والنضير من اليهود ، ورؤساء قريش المطعمون يوم بدر ، أولئك (١)﴿لَنْ يَضُرُّوا اللهَ﴾ تعالى بكفرهم وصدهم وشقاقهم مع الله بشقاقهم مع الرسول ﴿شَيْئاً﴾ يسيرا من الضرر ، بل يضرون أنفسهم أشد الضرر ﴿وَسَيُحْبِطُ﴾ الله ويبطل البتة ﴿أَعْمالَهُمْ﴾ ومكائدهم في إطفاء نور الحق ، واضمحلال كلمة التوحيد ، وإبطال دين الاسلام.
وقيل : إن المراد من الذين كفروا خصوص أهل الكتاب ومن أعمالهم الخيرية التي كانوا يعملونها قبل الكفر برسالة النبي صلىاللهعليهوآله (٢) .
ثم لما بين سبحانه أن الكفر ومشاقة الرسول صلىاللهعليهوآله يوجب بطلان الأعمال الخيرية ، حث المؤمنين على طاعة الله ورسوله ، والتحذير عن إبطال الأعمال بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ في جميع ما أمراكم به ونهياكم عنه ﴿وَلا تُبْطِلُوا﴾ بمخالفة الرسول صلىاللهعليهوآله والرياء والسمعة والعجب ﴿أَعْمالَكُمْ﴾ كما أبطل الكفار بالكفر ومشاقة الرسول صلىاللهعليهوآله أعمالهم. وقيل : إن المعنى لا تبطلوا بالشرك أعمالكم (٣) .
عن الباقر عليهالسلام. قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من قال : سبحان الله ، غرس الله له بها شجرة في الجنة ، ومن قال : الحمد لله ، غرس الله له بها شجرة في الجنة ، ومن قال : لا إله إلا الله ، غرس الله له بها شجرة في الجنة ، ومن قال : الله أكبر ، غرس الله له بها شجرة في الجنة. فقال رجل من قريش : يا رسول الله ، إن شجرنا في الجنة كثير ؟ فقال : نعم ، ولكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها ، وذلك أن الله تعالى
__________________
(١) تفسير روح البيان ٨ : ٥٢٢.
(٢) تفسير الرازي ٢٨ : ٧١.
(٣) تفسير الرازي ٢٨ : ٧٢.