الكاملة ﴿السَّماواتِ﴾ السبع ﴿وَالْأَرْضَ﴾ وأبدعهما من غير مثال سابق ﴿وَلَمْ
يَعْيَ﴾ ولم يتعب ﴿بِخَلْقِهِنَ﴾ مع غاية عظمهنّ ﴿بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى﴾ ويخلقهم على المثال الأول مع صغرهم ﴿بَلى﴾ قادر على ذلك ﴿إِنَّهُ﴾ تعالى ﴿عَلى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الأشياء ﴿قَدِيرٌ﴾ لا تختصّ قدرته بشيء دون شيء.
ثمّ هدّد
سبحانه منكري المعاد بقوله : ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا
عَلَى النَّارِ﴾ ويوفقون عليها ، ثمّ يقال لهم توبيخا وتقريعا : ﴿أَ
لَيْسَ هذا﴾ العذاب الذي ترونه ﴿بِالْحَقِ﴾ والصدق وأنتم كنتم في الدنيا تكذّبونه وتستهزوئون به ؟
! ﴿قالُوا بَلى﴾ إنّه الحقّ ، ووعده مطابق للواقع ﴿وَ﴾ الله ﴿رَبِّنا﴾ قيل : أكدّوا جوابهم بالقسم طمعا في الخلاص بسبب
الاعتراف به ﴿قالَ﴾ الله أو خازن النار ﴿فَذُوقُوا﴾ اليوم ﴿الْعَذابَ﴾ الذي كنتم تستعجلونه مستلذّين بذوقه وطعمه ، ولا
تتوهّموا ابتلاءكم به بلا علّة ، ولا سبب ، بل هو ﴿بِما كُنْتُمْ﴾ في الدنيا به ﴿تَكْفُرُونَ﴾ والكفر به أعظم أسباب الاستحقاق ، وتكذيب وعد الله أقوى
مقتضات الابتلاء به.
فاذا علمت - يا
محمد - وخامة عاقبة تكذيبهم واستهزائهم بك ﴿فَاصْبِرْ﴾ عليهما ﴿كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ﴾ وذوو الثبات والجزم ﴿مِنَ الرُّسُلِ﴾ الذين جاءوا من قبلك ، كابراهيم ونوح وموسى وعيسى ،
فانّك من جملتهم ، بل أفضلهم وخاتمهم.
في ذكر اولي العزم من الرسل وعددهم
عن الصادق عليهالسلام في هذه الآية : « هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد
صلوات الله عليهم».
قيل : كيف
صاروا اولي العزم ؟ قال : « لأن نوحا بعث بكتاب وشريعة ، وكلّ من جاء بعد نوح أخذ
بكتاب نوح وشريعته ومنهاجه ، حتى جاء إبراهيم بالصّحف وبعزيمة ترك كتاب نوح ، لا
كفرا به ، فكلّ من جاء بعد إبراهيم أخذ بشريعة إبراهيم ومنهاجه وبالصّحف ، حتى جاء
موسى بالتوراة وشريعته ومنهاجه وبعزيمة ترك الصّحف ، فكلّ نبى جاء بعد موسى أخذ
بالتوراة ومنهاجه ، حتى جاء المسيح بالإنجيل ، وبعزيمة ترك شريعة موسى ومنهاجه ،
فكلّ نبيّ جاء بعد المسيح أخذ بشريعته ومنهاجه ، حتى جاء محمد صلىاللهعليهوآله فجاء بالقرآن وبشريعته ومنهاجه ، فحلاله حلال إلى يوم
القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة ، فهؤلاء اولو العزم من الرسل ».
عن الباقر عليهالسلام : « إنّما سمّوا اولى العزم ، لأنّه عهد إليهم في محمد صلىاللهعليهوآله ولأوصيائه من بعده
__________________