قيل : نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر ، كان أبواه يدعوانه إلى الاسلام فيأبى (١) .
روي أنّه لمّا دعاه أبواه إلى الاسلام ، وأخبراه بالبعث بعد الموت ، قال : أتعدانني أن أخرج من القبر ، وقد خلت القرون من قبلي ، فلم أر أحدا منهم بعث ؟ فأين عبد الله بن جدعان ، وأين فلان ، وأين فلان ؟ (٢) .
وروي أنّه لمّا كتب معاوية إلى مروان بأن يبايع الناس ليزيد ، قال عبد الرحمن : لقد جئتم بها هر قلية ، أتبايعون لأبنائكم ؟ فقال مروان : أيّها الناس ، هو الذي قال الله فيه : ﴿وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما﴾ وبه قال الكلبي من العامة ، والقمي رحمهالله (٣) .
وقيل : إنّه لم يرد به شخصا معينا (٤) .
ثمّ قال سبحانه : ﴿أُولئِكَ﴾ العاقون الكافرون بالله ، المنكرون للحشر ، هم ﴿الَّذِينَ حَقَ﴾ وثبت ﴿عَلَيْهِمُ﴾ في علم الله ﴿الْقَوْلُ﴾ والوعد بالعذاب الأبد بقوله : ﴿لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾(٥) وهم ﴿فِي﴾ زمرة ﴿أُمَمٍ﴾ مستحقّة للعذاب ﴿قَدْ خَلَتْ﴾ ومضت ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ من الدنيا ﴿إِنَّهُمْ﴾ السابقين واللاحقين جميعا ﴿كانُوا خاسِرِينَ﴾ في سوق الدنيا ، لإتلافهم ما هو بمنزلة رأس مال تجارتهم من الفطرة الأصلية ، والعقل السليم ، والعمر والنّعم التي تفضّل الله عليهم بها.
﴿وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها
فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما
كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (١٩) و (٢٠)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد بيان فريقين من الأولاد البارّين بالوالدين والعاقّين لهما ، بيّن أن لكلّ فريق مراتب ودرجات مختلفة بقوله : ﴿وَلِكُلٍ﴾ من الفريقين المذكورين ﴿دَرَجاتٌ﴾ مختلفة في الايمان والكفر والطاعة والعصيان ، أو في الثواب ودركات متفاوتة في العقاب مسبّبة ﴿مِمَّا عَمِلُوا﴾ في الدنيا من الخير والشرّ ﴿وَلِيُوَفِّيَهُمْ﴾ ربّهم ﴿أَعْمالَهُمْ﴾ ويعطيهم أجرة طاعاتهم ومعاصيهم وافية تامة ﴿وَهُمْ لا
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٣.
(٢) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٣.
(٣) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٣ ، تفسير القمي ٢ : ٢٩٧ ، تفسير الصافي ٥ : ١٥.
(٤) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٣.
(٥) السجدة : ٣٢ / ١٣.