جاعل في ذرّيته الإمامة والولاية والوصية ، فقال : إنّي رضيت ، ثمّ بشّر فاطمة بذلك فرضيت » (١) .
أقول : يحتمل الجمع بأنّ بشارة الرسول صلىاللهعليهوآله ورضا فاطمة عليهاالسلام كانا بعد وضعه عليهالسلام.
ثمّ قال الصادق عليهالسلام : « فلو لا أنّه قال : ﴿وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي﴾ لكانت ذرّيته كلّهم أئمة » قال : « ولم يرتضع الحسين من فاطمة عليهاالسلام ولا من انثى ، كان يؤتى به النبيّ صلىاللهعليهوآله فيضع إبهامه في فيه ، فيمصّ منها ما يكفيه اليومين والثلاث ، فنبت لحم الحسين عليهالسلام من لحم رسول الله صلىاللهعليهوآله ودمه » (٢) .
أقول : قال السيد الأجل بحر العلوم :
لله مرتضع لم يرتضع أبدا |
|
من ثدي انثى ومن طه مراضعه (٣) |
وقال الصادق عليهالسلام: ولم يولد لستة أشهر إلّا عيسى بن مريم ، والحسين عليهالسلام » (٤) .
﴿وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَ تَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي
وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاَّ أَساطِيرُ
الْأَوَّلِينَ * أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (١٧) و (١٨)﴾
ثمّ إنّه تعالى بعد بيان برّ الولد الصالح بوالديه ، وأخذه بوصية الله في حقّهما ، بيّن سبحانه حال الإنسان العاقّ لوالديه ، الكافر بربّه وبالدار الآخرة بقوله : ﴿وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ﴾ عند دعوتهما له إلى الايمان بالله وبالدار الآخرة شفقة عليه وإحسانا إليه ، تضجّرا من قولهما وكراهة له ، يا والدي ﴿أُفٍّ لَكُما﴾ والنكبة الدائمة عليكما ﴿أَ تَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ﴾ حيا من القبر بعد الموت وصيرورتي ترابا وعظاما رميما ، وابعث حيا ﴿وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ﴾ ومضت أهالي الأعصار السابقة من الدنيا ﴿مِنْ قَبْلِي﴾ ولم يبعث منهم أحد ، ولم تحيا منهم نفس ﴿وَهُما﴾ حرصا على إيمان ولدهما ﴿يَسْتَغِيثانِ اللهَ﴾ ويدعوانه أن يغيثه ويوفقه للايمان ، ويقولان لذلك الولد : ﴿وَيْلَكَ آمِنْ﴾ بالبعث والحساب ، وصدّق بالاخراج من القبر للجزاء ﴿إِنَّ وَعْدَ اللهِ﴾ بالبعث والنشور للحساب وجزاء الأعمال ﴿حَقٌ﴾ وصدق ، لا يمكن الخلف فيه ، لتنزّهه تعالى عنه ﴿فَيَقُولُ﴾ الولد تكذيبا لوالديه : ما هذا الوعد الذي تنسبانه إلى الله ﴿إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ وأكاذيب الامم السابقين التي كانوا يسطّرونها في دفاترهم ، كأحاديث رستم وإسفنديار.
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٨٦ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ١٤.
(٢) الكافي ١ : ٣٨٦ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ١٤.
(٣) أدب الطف ٦ : ٥٠.
(٤) الكافي ١ : ٣٨٦ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ١٤.