محمد ، تقدّم وصلّ بهم. فلمّا فرغ قال له جبرئيل : ﴿وَسْئَلْ﴾ يا محمد ﴿مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا﴾ الآية. فقال صلىاللهعليهوآله : « لا أسأل لأنّي لست شاكّا فيه » (١) .
وعن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية : من ذا الذي سأله محمد ، وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة ، فتلا هذه الآية : ﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا﴾(٢) فكان [ من ] الآيات التي أراها الله محمدا صلىاللهعليهوآله حين أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله له الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ، ثمّ أمر جبرئيل فأذّن شفعا ، وأقام شفعا ، ثمّ قال في إقامته : حيّ على خير العمل ، ثمّ تقدّم محمد صلىاللهعليهوآله فصلّى بالقوم ، فأنزل الله عليه : ﴿وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا﴾ الآية ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله : على ما تشهدون ، وما كنت تعبدون ؟ فقالوا : نشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأنّك رسول الله ، أخذت (٣) على ذلك مواثيقنا وعهودنا » (٤) .
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ *
فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ * وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ
مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ
لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ * فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ
يَنْكُثُونَ * وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَ لَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ
الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَ فَلا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ
وَلا يَكادُ يُبِينُ (٤٦) و (٥٢)﴾
ثمّ حكى سبحانه إرساله موسى مع كونه عديم المال والجاه ، إلى فرعون الذي كان له ملك مصر وأموال كثيرة ، ردّا على قريش الذين قالوا : ﴿لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ﴾(٥) الآية ، بقوله : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى﴾ مع كونه فقيرا ومهينا عند القبط حال كونه مستدلا على صدقه ﴿بِآياتِنا﴾ ومعجزاته التي أعطيناه ﴿إِلى فِرْعَوْنَ﴾ ملك مصر ﴿وَمَلَائِهِ﴾ وأشراف قومه المطاعين عند القبط ﴿فَقالَ﴾ لهم موسى : يا قوم ﴿إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ﴾ إليكم ، لأدعوكم إلى توحيده وطاعته ، وجئتكم بآيات ومعجزات من ربّكم ﴿فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا﴾ وأراهم المعجزات الدالّة على صدقه ﴿إِذا هُمْ مِنْها
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٧ : ٢١٦.
(٢) الإسراء : ١٧ / ١.
(٣) في الكافي : أخذ.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٢٨٥ ، الكافي ٨ : ١٢١ / ٩٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٩٣.
(٥) الزخرف : ٤٣ / ٣١.