ثمّ جمع سبحانه النبيّ صلىاللهعليهوآله وقومه في الخطاب التهديدي بقوله : ﴿وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ﴾ هل أدّيتم شكر إنعامنا عليكم بإنزال القرآن والذّكر الجميل ، أو هل حفظتموه وعملتم بما فيه من الأحكام ، وأديتموه إلى الناس.
عن الصادق عليهالسلام : « الذّكر القرآن ، ونحن قومه ، ونحن المسؤولون » (١) .
وعنه عليهالسلام : « إيّانا عنّى ، ونحن أهل الذّكر ، ونحن المسؤولون » (٢) .
﴿وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً
يُعْبَدُونَ (٤٥)﴾
ثمّ لمّا كان معارضة القوم مع الرسول صلىاللهعليهوآله وطعنهم في القرآن ، لتصريحهما ببطلان الشرك والدعوة إلى التوحيد ، بيّن سبحانه أنّه ليس من خواصّك وخواصّ كتابك ، بل جميع الأنبياء والرسل مطبقون على التوحيد وإنكار الشرك بقوله : ﴿وَسْئَلْ﴾ يا محمد ﴿مَنْ أَرْسَلْنا﴾ قيل : إنّ التقدير امم من أرسلنا ﴿مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا﴾ وعلمائهم الذين يقرأون كتبهم (٣) ﴿أَجَعَلْنا﴾ لهم ﴿مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ﴾ وممّا سواه ﴿آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ وهل حكمنا في ملّة من الملل بجواز عبادة غير الله.
روي عن عائشة : لمّا نزلت هذه الآية قال صلىاللهعليهوآله : « ما أنا بالذي أشكّ ، ولا أنا بالذي أسأل »(٤) .
وقيل : إنّ المراد السؤال من أشخاص الرسل ، لمّا روي أنّه صلىاللهعليهوآله لمّا اسري به إلى المسجد الحرام حشر إليه الأنبياء والمرسلون من قبورهم ، ومثّلوا له ، فأذّن جبرئيل وأقام ، وقال : يا محمد ، تقدّم وصلّ بإخوانك الأنبياء والمرسلين ، فلمّا فرغ من صلاته قال له جبرئيل : زعمت قريش أن لله شريكا ، وزعمت اليهود والنصارى أنّ لله ولدا ، سل يا محمد هؤلاء النبيين : هل كان لله شريك ؟ ثمّ قرأ ﴿وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا﴾ إلى آخره فقال صلىاللهعليهوآله : « لا أسأل ، وقد اكتفيت ، وليس بشاكّ فيه » فلم يشكّ ولم يسأل(٥).
وقال بعض مفسري العامة : إنّ هذه الآية نزلت على النبي صلىاللهعليهوآله ببيت المقدس ليلة المعراج ، فلمّا نزلت وسمعها الأنبياء أقروا لله بالوحدانية وقالوا : بعثنا بالتوحيد (٦) . وعن عطاء ، عن ابن عباس : لمّا اسري به إلى المسجد الأقصى بعث له آدم وجميع المرسلين من ولده فأذّن جبرئيل ثمّ أقام فقال : يا
__________________
(١) الكافي ١ : ١٦٤ / ٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٩٣.
(٢) الكافي ١ : ١٦٤ / ٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٣٩٣.
(٣) تفسير أبي السعود ٨ : ٤٩ ، تفسير روح البيان ٨ : ٣٧٤.
(٤) تفسير روح البيان ٨ : ٣٧٤.
(٥) تفسير روح البيان ٨ : ٣٧٤.
(٦) تفسير روح البيان ٨ : ٣٧٤.