غيظهم وغضبهم عليكم ، لكونهم فيكم رفيعي المنزلة وعالي المقام ، فانّ الله
تعالى ﴿رَفِيعُ الدَّرَجاتِ﴾ في الكمال ، وأعلى الموجودات في صفات الجمال والجلال.
قيل : إن
الموجودات من العقل والنفس الكلّيين والطبيعة الكلّية والعرش والكرسي والسماوات
والكرات والحيوانات والنباتات والمعادن ، كلّها [ من ] الدرجات والمراتب الرحمانية
، التي هو تعالى أعلى وأرفع من جميعها .
وقيل : إن
المراد رافع درجات الأنبياء والعلماء والأولياء والمؤمنين في الجنّة ، أو رافع درجة كلّ موجود من الموجودات في العالم ، حيث
إنّ للأنبياء درجة ، ولكلّ من الملائكة درجة ، ولكلّ من العلماء درجة ، ولكلّ من
الأجسام درجة ، ولكلّ فرد من الانسان درجة في العلم والرزق والأجل والسعادة
والشقاوة . والحاصل أنّ لكلّ شيء يكون له فضيلة ومنقبة ، فهو بايجاده
تعالى وإعطائه.
وهو تعالى ﴿ذُو
الْعَرْشِ﴾ العظيم ، الذي له على ما قيل أربعمائة ركن ، ما بين كلّ
ركن إلى ركن أربعمائة ألف سنة ، وهو فوق جميع الموجودات من الكرسيّ والسماوات ،
خلقه سبحانه إظهارا لعظمته وقدرته ، لا مكانا لذاته ، وجعله محلّ نزول بركاته ورحمته
، ومطافا لملائكته ، وقبلة لدعائه ، ومعراجا لخاتم أنبيائه ، وظلّة يوم الحشر
لأوليائه .
وقيل : إنّ
المراد من العرش هنا الملك العظيم ، ذكره إظهارا لهيبته ، ونفاذ قدرته ، واستيلائه
على جميع مخلوقاته .
وهو سبحانه ﴿يُلْقِي﴾ وينزل ﴿الرُّوحَ﴾ والوحي الذي به حياة القلوب ، أو الملك المسمّى بالروح
، وهو الخاصّ برسول الله صلىاللهعليهوآله والأئمّة المعصومين عليهمالسلام على رواية القمي ، أو المسمى بجبرئيل كما عن بعض ، حال كون إنزاله ناشئا ﴿مِنْ أَمْرِهِ﴾ تعالى وإرادته ﴿عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ﴾ المصطفين للرسالة وتبليغ الوحي ﴿لِيُنْذِرَ﴾ ذلك الرسول الموحى إليه الناس ﴿يَوْمَ
التَّلاقِ﴾ والحشر الذي تتلاقى فيه الأرواح والأبدان ، أو الأولون
والآخرون ، أو أهل السماوات وأهل الأرض ، كما عن الصادق عليهالسلام ، أو العاملون والأعمال ، أو الظالمونن والمظلومون ، أو
أهل النار والزبانية ، ويخوّفهم من أهواله وشدائده.
__________________