رؤية العذاب عند الموت ، أو حين البعث ، أو يوم بدر. وعن الباقر عليهالسلام : « إذ فزعوا من الصوت ، وذلك الصوت من السماء » (١) لرأيت أمرا هائلا معجبا ﴿فَلا فَوْتَ﴾ لهم من عذاب الله ، ولا نجاة بهرب أو تحصّن ، أو سائر وسائل الحفظ ، وإن أخّر عقوبتهم ، وإنّما يستعجل من يخاف الفوت.
عن ابن عباس : أنّ ثمانين ألفا ، وهم السفياني وقومه ، يخرجون في آخر الزمان ، فيقصدون الكعبة ليخرّبوها ، فاذا دخلوا البيداء خسف بهم ، فلا ينجو منهم إلّا السري الذي يخبر عنهم ، وهو جهينة ، فلذلك قيل : وعند جهينة الخبر اليقين (٢) .
وعن الباقر عليهالسلام : « لكأني أنظر إلى القائم وقد أسند ظهره إلى الحجر - إلى أن قال - : فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني ، فيأمر الله عزوجل الأرض فتأخذ بأقدامهم ، وهو قوله عزوجل : ﴿وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ﴾ قال : من تحت أقدامه خسف بهم » (٣) وقيل : من ظهر الأرض إلى بطنها ، أو من الموقف إلى النار ، أو من صحراء بدر إلى قليبها (٤) .
﴿وَقالُوا﴾ عند معاينة العذاب ، لدفعه عن أنفسهم بإقرارهم به ، أو بدين محمد صلىاللهعليهوآله ، أو بقيام القائم : ﴿آمَنَّا بِهِ﴾ ولا ينفعهم عند معاينة العذاب ، وبعد انقضاء زمان التكليف ، وهو لخروجهم عنه صار بعيدا عنهم ﴿وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ﴾ وتناول الايمان ﴿مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ﴾ وهو الدنيا ﴿وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ﴾ وفي زمان التكليف ﴿وَ﴾ كانوا ﴿يَقْذِفُونَ﴾ ويرمون ﴿بِالْغَيْبِ﴾ ويتكلّمون بما لم يطّلعوا عليه كمن (٥) يرمي الحجارة ﴿مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ﴾ إلى ما لا يراه من المرماة ﴿وَحِيلَ﴾ وأوجد المانع من الوصول ﴿بَيْنَهُمْ﴾ بعد الموت ﴿وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ﴾ من النجاة من العذاب والوصول إلى النعيم الدائم ﴿كَما فُعِلَ﴾ ذلك ﴿بِأَشْياعِهِمْ﴾ والذين كانوا قبلهم من المكذّبين الذين أهلكوا بالعذاب ﴿مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍ﴾ ممّا يجب الايمان به ﴿مُرِيبٍ﴾ وموقع لقلوبهم في الاضطراب.
عن الصادق عليهالسلام : « من قرأ الحمدين حمد سبأ وحمد فاطر في ليله ، لم يزل في ليلته في حفظ الله وكلاءته وإن قرأهما في نهاره لم يصبه في نهاره مكروه ، واعطي خير الدنيا وخير الآخر ، ما لم يخطر على قلبه ، ولم يبلغ مناه » (٦).
رزقنا الله توفيق تلاوتهما في الليل والنهار ، كما وفّقنا لاتمام تفسير الاولى منهما ، وله الحمد والمنّة على نعمه الظاهرة والباطنة.
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٢٠٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٢٦.
(٢) تفسير أبي السعود ٧ : ١٤٠ ، تفسير روح البيان ٧ : ٣١٠.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٢٠٥ و٢٠٦ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٢٧.
(٤) تفسير أبي السعود ٧ : ١٤٠.
(٥) في النسخة : كما.
(٦) ثواب الأعمال : ١١٠ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٢٨.