لموسى عليهالسلام : أنت قتلته ، فأمر الله الملائكة فحملته حتى مرّوا به على بني اسرائيل ، وتكلّمت الملائكة بموته حتى عرفوا أنّه مات ، وبرّأه الله من ذلك» (١) .
أقول : يمكن كون إيذائه بجميع الوجوه ، وتبرئة الله إيّاه من جميعها.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧٠)و (٧١)﴾
ثمّ بالغ سبحانه في نصح المؤمنين بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ﴾ في مخالفة أحكامه ، وإيذاء رسوله والمؤمنين ﴿وَقُولُوا﴾ في حق رسولكم وإخوانكم المؤمنين وسائر الشؤون ﴿قَوْلاً سَدِيداً﴾ وكلاما حقا وصدقا ، ولا تخوضوا في حديث جائر عن العدل والقصد ، إذن ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ﴾ بالقبول والإثابة عليها ، ويوفّقكم لما يحبّه ويرضاه.
عن الصادق عليهالسلام - في رواية - « اعلم أنّه لا يقبل الله منك شيئا حتى تقول قولا عدلا» (٢) .
﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ بإزاء استقامتكم في القول والفعل ﴿ذُنُوبَكُمْ﴾ العظام ، فانّ الحسنات يذهبن السيئات.
ثمّ بالغ في الحثّ على طاعته بقوله : ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ في أوامرهما ونواهيهما ﴿فَقَدْ فازَ﴾ في الدارين ، ونال بأعلى المقاصد ﴿فَوْزاً عَظِيماً﴾ لا يقادر قدره ، ولا يتصوّر مثله من العزّ والكرامة ، والجنة والنّعم الدائمة ، والراحة الأبدية.
عن الصادق عليهالسلام : « من يطع الله ورسوله في ولاية علي والأئمة بعده ، فقد فاز فوزا عظيما»(٣).
﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها
وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً (٧٢)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان جملة من التكاليف والآداب والأخلاق ، والأمر بالتقوى والقول السديد ، والترغيب في طاعته ، حثّ الناس على تحمّل مشاقّها ببيان عظمتها بقوله : ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ﴾ الواجبة الرعاية والحفظ ، وهي على ما قيل تكاليفه وأحكامه (٤)﴿عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ﴾ مع عظمها وقوّتها بأن يجعلهن قابلات ومستعدّات لامتثالها ، على أن يثيبهنّ بطاعتها ، ويعذّبهن على
__________________
(١) مجمع البيان ٨ : ٥٨٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٠٥.
(٢) الكافي ٨ : ١٠٧ / ٨١ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٠٦.
(٣) تفسير القمي ٢ : ١٩٨ ، الكافي ١ : ٣٤٢ / ٨ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٠٦.
(٤) تفسير نور الثقلين ٤ : ٣١٤ ، تفسير الرازي ٢٥ : ٢٣٤.