شئتما الباه ، فاختارتا الباه ، فتزوّجتا ، فجذم أحد الزوجين ، وجنّ الآخر (١) .
وعن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : « ما نهى الله عزوجل عن شيء إلّا وقد عصي فيه حتى لقد نكحوا أزواج رسول الله من بعده » وذكر العامرية والكندية ، ثمّ قال : « لو سألتم عن رجل تزوّج امرأة فطلقّها قبل أن يدخل ، أتحلّ لابنه فقالوا : لا ، فرسول الله أعظم حرمة من آبائهم »(٢).
وروي أنّ هذا الحكم جار في الوصيّ أيضا (٣) .
﴿لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا
أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ
اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً * إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٥) و (٥٦)﴾
ثمّ لمّا نهى الله عن سؤال الأزواج إلّا من وراء الحجاب قال آباؤهنّ وأبناؤهنّ : أنحن كالأباعد ؟ فنزلت : ﴿لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَ﴾ والحرائر المؤمنات منهنّ ﴿وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ﴾ من إمائهنّ.
ثمّ لتهييجهنّ على الطاعة خاطبهنّ بقوله : ﴿وَاتَّقِينَ اللهَ﴾ فيما أمرتنّ به من الاحتجاب ، ولا تتجرين على العصيان في الخلوات ﴿إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً﴾ وعنده حاضرا وإليه ناظرا.
ثمّ بالغ سبحانه في إكرام نبيّه صلىاللهعليهوآله وتعظيمه بقوله : ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ﴾ في الملأ الأعلى ﴿يُصَلُّونَ﴾ ويعطفون ﴿عَلَى النَّبِيِ﴾ بالرحمة والثناء والتعظيم ، وتعلية مقامه ، وتشريفه بمزيد كرامته والدعاء والنّصرة ، وإنّما بدأ سبحانه بنفسه إظهارا لشرفه ، وترغيبا للامّة إليها ، فانّه إذا كان مصلّيا عليه مع استغنائه ، كانت الامّة أولى به ، لاحتياجهم إلى شفاعته ، ولذا قال : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ به أنتم أيضا ﴿صَلُّوا﴾ واعطفوا ﴿عَلَيْهِ﴾ بالدعاء والتعظيم والثناء في الملأ الأدنى ﴿وَسَلِّمُوا﴾ وانقادوا له ، أو حيّوة بالسلام ﴿تَسْلِيماً﴾ مناسبا ، لشرف منزلته ، وعلوّ مقامه.
قيل : إنّ تشريف الله محمدا صلىاللهعليهوآله بالصلاة عليه بقوله : ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ﴾ أشرف من تشريف آدم بالسجود (٤) .
__________________
(١و٢) الكافي ٥ : ٤٢١ / ٣ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٠٠.
(٣) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٣٠٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٢٠٠.
(٤) تفسير روح البيان ٧ : ٢٢٣.