بيد أنّ الجواب الرئيسي للنعماني هو جوابه الثاني ، وحاصله : أن لا دليل لدينا على أنّ عمر الإمام (عج) لن يتجاوز الأعمار الطبيعية ، وأنّه لابدّ أن يكون مثل العمر المتعارف لسائر الناس ، فلا الله سبحانه وتعالى عاجز عن إطالة عمر الإمام (عج) ، ولا سنّته بشأن أوليائه قائمة على اتّباع القوانين المتعارفة والطبيعية دائماً وأبداً ، كما نجد ذلك بالنسبة إلى قصّة النبيّ موسى عليهالسلام حيث نشاهد أساليب غير متعارفة فيما يتعلّق بولادته وتربيته ونشأته والمحافظة عليه.
وقد أشار النعماني في موضع آخر إلى تشكيك أكثر الناس في ولادة الإمام الحجّة المنتظر (عج) ، وفي عمره أيضاً ، مستنداً في طول زمان غيبته إلى الروايات التي تتحدّث عن غيبة إمام العصر (عج) والتي تمّ التأكيد فيها على أنّه سيكون من الصعب على الناس تحمّل ذلك ، فلا يؤمن به إلاّ النزر اليسير من المؤمنين(١) ، فإنّ هذه الروايات بنفسها تؤكّد على غرابة هذه الحادثة واختلافها عن سائر الحوادث الأخرى ، بحيث يمكن جعلها شاهداً على الجواب الرئيسي والأساسي للنعماني عن شبهة طول عمر الإمام الحجّة المنتظر (عج).
هذا وقد تعرّض أرباب الفرق والنحل من أمثال : النوبختي وسعد بن عبد الله إلى ذكر الفرق المنحرفة التي ظهرت بعد وفاة الإمام الحسن العسكري عليهالسلام بالتفصيل(٢) ، ومن بين تلك المذاهب مذهب الجعفرية (أتباع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) غيبة النعماني ، ص١٦٩ ، وانظر أيضاً : ص٢١ ، ٢٣ ، ٢٦ ، ٢٨ ، ١٨٦.
(٢) فرق الشيعة ، ص١٠٥ ـ ١١٩ ، والمقالات والفرق ، ص١٠٢ ـ ١١٦.