الثانى : أن آخر الثلاثة ظهورا هو النبى فهو آخر من سأل عنه اليهود وندلل أيضا على أنهم كانوا ينتظرون ظهور النبى أنهم عند ما ظهر «صلىاللهعليهوسلم» خلطوا بينه وبين النبى المنتظر ففي «اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلا : إن عطش أحد فليقبل إلىّ ويشرب ... فكثيرون من الجمع لما سمعوا هذا الكلام قالوا : هذا بالحقيقة هو النبى وآخرون قالوا : هذا هو المسيح .. فحدث انشقاق في الجمع لسببه» (١).
وحتى بعد ميلاد المسيح كان اليهود ينتظرون ظهور إيليا أو من يتقدم بروحه. ومن المعلوم أنه لم يظهر نبى بعد المسيح إلا النبى محمد. فمتى ـ إذن ـ ظهر إيليا؟.
لقد ظهر إيليا قبل المسيح. فما إيليا إلا يوحنا المعمدان. فلقد بشر الملاك زكريا بيحيى (يوحنا) وأنه يتقدم بروح إيليا. «وخمرا ومسكرا لا يشرب ومن بطن أمه يمتلئ بالروح القدس ويرد كثيرين من بنى إسرائيل للرب إلههم ويتقدم أمامه بروح إيليا وقوته» (٢).
ثم «ابتدأ يسوع يقول للجموع عن يوحنا ما ذا أخرجكم لتنظروا؟ أنبيا؟ نعم أقول لكم وأفضل من نبى .. الحق أقول لكم : لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان .. إن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتى» (٣) ثم هو فى موضع آخر من إنجيل متى يقول «... ولكنى أقول لكم أن إيليا قد جاء ـ قبله طبعا ـ ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا ... حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان ...» (٤).
هذا تقرير من المسيح وشهادة منه بأن إيليا قد جاء في شخص يوحنا المعمدان.
إيليا إذن قد جاء والمسيح ها هو بين ظهرانيهم يخبرهم هذه الإخبارات فلم يبق ـ بعد إيليا والمسيح ـ إلا أن يأتى النبى المبشر به والذى كان اليهود ينتظرونه.
يقول يوحنا في إنجيله عن المسيح أنه قال لتلاميذه : «إن كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياى. وأنا أطلب من الأب أن يعطيكم معزيا ٥ ـ فارقليط ـ آخر ليمكث معكم إلى الأبد روح الحق الذى لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه» (٦).
«ومتى جاء المعزى الذي سأرسله إليكم من الأب روح الحق الذى من عند الأب فهو يشهد لى وتشهدون أنتم أيضا لأنكم معى من الابتداء» (٧).
__________________
١ ـ يوحنا ٧ : ٣٧ ـ ٤٣.
٢ ـ لوقا ١ : ١٥.
٣ ـ متى ١١ : ٧ ـ ١٤.
٤ ـ متى ١٧ ـ ١٠ ـ ١٣.
٥ ـ فى التراجم العربية المطبوعة سنة ١٨٢١ وسنة ١٨٣١ وسنة ١٨٤٤ طبعة لندن وردت لفظة (فارقليط) بدلا من لفظة (معزيا).
٦ ـ يوحنا ١٤ : ١٥ ـ ١٧.
٧ ـ يوحنا ١٥ : ٢٦ ـ ٢٧.