أنه «يكون أميا لا يقرأ ولا يكتب» فيوحى الله إليه بكلامه فينطق به على النحو الذى يسمعه «ولم يدع أحد من أبناء (إسماعيل) ذلك سوى محمد ولم يقم نبى أمى سواه منذ خلق الله الدنيا إلى اليوم» (١) فلم «تكن هذه الصفة لغير محمد». (٢)
هذه الأوصاف إذن لا تنطبق إلا على النبى محمد الذى هو من نسل إسماعيل أخو إسحاق وبذا كان بحق نبيا من وسط إخوة بنى إسرائيل وهو ما لا ينطبق على المسيح.
فإذا أصر مسيحيو اليوم على إسناد كل نبوءات العهد القديم إلى المسيح وأنه هو المعنى بهذه النبوءة وافقناهم بشرط الإقرار بأن عيسى مثل موسى ، وموسى عبد الله ورسوله وعليه يكون المسيح عبد الله ورسول له وليس إلها أو ابن إله. فإن آمنوا بذلك فقد اهتدوا وكانت علّة هدايتهم هى نبوة محمد «صلىاللهعليهوسلم».
٢ ـ بشارات العهد الجديد : ـ
رأينا كيف أن الله تعالى وعد بنى إسرائيل على لسان موسى أن يرسل من بين إخوتهم نبيا مثل موسى يجعل كلامه في فمه ويخبرهم بكل ما يوحى إليه.
كذلك من المعلوم أن اليهود كانوا ينتظرون ظهور ثلاثة أنبياء لذلك لما ظهر يوحنا ذهب إليه أحبارهم يسألونه : «من أنت؟ فاعترف ولم ينكر وأقر : إنى لست أنا المسيح.
فسألوه : إذا ما ذا؟ إيليا أنت؟
فقال : لست أنا.
النبى أنت؟ فأجاب : لا.
فقالوا له : من أنت لنعطى جوابا للذين أرسلونا.
ما ذا تقول عن نفسك؟
قال : أنا صوت صارخ في البرية. قوموا طريق الرب كما قال أشعياء النبى».
فسألوه وقالوا له : فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبى؟
أجابهم يوحنا قائلا : أنا أعمد بماء ولكن في وسطكم قائم الذى لستم تعرفونه. الذى لست بمستحق أن أحل سيور حذائه» (٣) ومن هذا النص نستطيع أن نستنتج أمرين :
ـ الأول : أن الذين كان ينتظرهم اليهود هم : إيلياء والمسيح والنبى.
__________________
١ ـ النجار : المصدر السابق ص ٢٥١.
٢ ـ ابن حزم : المصدر السابق.
٣ ـ يوحنا ١ : ١٩ ـ ٢٧.