الاعتدال في الدين إليه ، وابتناء كثير من العلوم عليه .. حداني ذلك إلى نظم عُقَد من دُرره وترتيب مثان من معضلات سوَره ، فأعاقني عنه حوادث الزمان ، وصَرَفَتني صروف الدهر الخوّان ، فبقيت أجيل الطرف بين الصدر والإقدام حتّى رأيتُ حبيب الله (صلى الله عليه وآله) في بعض الليالي في المنام وهو يناولني صحائف من نور يخرق الأبصار ويقول لي : هذا أجر ما رمته من الآثار ، فأيقنتُ أنّه أمر محتوم فشرعت فيه بإذن الأحد القيّوم ..».
قلت : وقد عقد كتابه هذا في خمسة فصول وضَمَّن كلَّ فصل عدّة من الأصول الحكميّة والكلاميّة ، فالفصل الأوّل في التوحيد ، والثاني في العدل ، والثالث في النبوّة والإمامة ، والرابع في المعاد وحشر الأرواح والأجساد ، والخامس في عدم جواز العمل بالظنّ في أصول العقائد وإن كان من الظنون الخاصّة ، وكذلك عدم جواز العمل بالظنّ في الفروع إن لم يكن من الظنون الخاصّة كلّ ذلك بعد تعذُّر العلم ، وتكلّم في الفصل الأخير في عدّة أصول ناقش فيها جماعة من الأعلام ولاسيّما الشيخ الأنصاري قدسسره ، ثمّ عقد أصلاً تكلّم فيه في مقامات ستّة :
أوّلها : في أنّ العلم الإجمالي هو كالعلم التفصيلي في الاعتبار أم لا.
ثانيها : في كفاية العلم الإجمالي في الامتثال.
ثالثها : في أنّه لا فرق بين القطع بدليليّة الدليل وإن كان مدلوله ظنّياً أو كانت دليليته من باب التسبيب المحض وبين القطع منهما في كون كلّ منهما قطعاً يجب العمل به.