قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٤) بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥) ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (٨)
____________________________________
(٤) قل (١) ربي يعلم القول أي : ما يقال (فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ) للأقوال (الْعَلِيمُ) بالأفعال ، ثمّ أخبر أنّ المشركين اقتسموا القول في القرآن ، وأخذوا ينقضون أقوالهم بعضها ببعض ، فيقولون مرّة :
(٥) (أَضْغاثُ أَحْلامٍ) أي : أباطيلها. يعنون أنّه يرى ما يأتي به في النّوم رؤيا باطلة ، ومرّة هو مفترى ، ومرّة هو شعر ، ومحمّد شاعر (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) بالآيات ، مثل : النّاقة ، والعصا ، واليد ، فاقترحوا الآيات التي لا يقع معها إمهال إذا كذّب بها ، فقال الله تعالى :
(٦) (ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) بالآيات التي اقترحوها (أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ) يريد : إنّ اقتراح الآيات كان سببا للعذاب والاستئصال للقرون الماضية ، وكذلك يكون لهؤلاء.
(٧) (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) ردّا لقولهم (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ. فَسْئَلُوا) يا أهل مكّة (أَهْلَ الذِّكْرِ) من آمن من أهل الكتاب (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أنّ الرّسل بشر.
(٨) (وَما جَعَلْناهُمْ) أي : الرّسل (جَسَداً) أي : أجسادا (لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) وهذا ردّ لقولهم : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ)(٢) فأعلموا أنّ الرّسل جميعا كانوا يأكلون الطّعام ، وأنّهم يموتون ، وهو قوله : (وَما كانُوا خالِدِينَ).
__________________
(١) قرأ «قل» نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، وشعبة ، وأبو جعفر ، ويعقوب. الإتحاف ٢ / ٢٦١.
(٢) سورة الفرقان : الآية ٧.