أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥) وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (٦٧) فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩)
____________________________________
أَيْدِينا) من أمر الآخرة [(وَما خَلْفَنا) ما مضى من أمر الدّنيا](١)(وَما بَيْنَ ذلِكَ) ما يكون من هذا الوقت إلى قيام السّاعة. وقيل : (لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا) : يعني : الدّنيا ، (وَما خَلْفَنا) يعني : السّماوات ، (وَما بَيْنَ ذلِكَ) : الهواء. (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) تاركا لك منذ أبطأ عنك الوحي. وقوله :
(٦٥) (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) هل تعلم أحدا يسمّى الله غيره؟
(٦٦) (وَيَقُولُ الْإِنْسانُ) يعني : أبيّ بن خلف (أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا) يقول هذا استهزاء وتكذيبا بالبعث ، يقول : لسوف أخرج حيّا من قبري بعد ما متّ!؟
(٦٧) (أَوَلا يَذْكُرُ) يتذكّر ويتفكّر هذا (الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) فيعلم أنّ من قدر على الابتداء قدر على الإعادة ، ثمّ أقسم بنفسه أنّه يبعثهم فقال :
(٦٨) (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ) يعني : منكري البعث (وَالشَّياطِينَ) قرناءهم الذين أضلّوهم (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) جماعات ، جمع : جثوة (٢).
(٦٩) (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَ) لنخرجنّ (مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) أمّة وفرقة (أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) الأعتى فالأعتى منهم ، وذلك أنّه يبدأ في التعذيب بأشدهم عتيّا ، ثمّ الذي يليه.
__________________
(١) ما بين [] ليس في الأصل ، وهو ثابت في باقي المخطوطات.
(٢) وفي هامش ظ : قوله تعالى : (حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) ، الجثي : جمع الجائي ، وهو الذي يجثو على الرّكب. اه. وتفسيره بأنه جمع جثوة ؛ هو قول مقاتل حيث قال : (جِثِيًّا) جمعا جمعا. قال القرطبي : وهو على هذا التأويل جمع جثوة مثلث الجيم ، وهي الحجارة والتراب المجموع ، فأهل الخمر على حدة ، وأهل الزنى على حدة ، وهكذا. تفسير القرطبي ١١ / ١٣٣. قلت : وتفسيرها بأنّها جمع جاث هو الأشهر ، وعليه الجمهور.