وَبَدَّلْناهُمْ
بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ
سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذلِكَ جَزَيْناهُمْ
بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ (١٧) وَجَعَلْنا
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا
فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ (١٨) فَقالُوا رَبَّنا
باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ
وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ
شَكُورٍ (١٩)
____________________________________
تعالى فيه جرذانا ثقبته ، فانبثق الماء عليهم ، فغرق جنّاتهم (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ
جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) أي : ثمر مرّ (وَأَثْلٍ) وهو الطّرفاء (وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ
قَلِيلٍ) وذلك أنّ الله تعالى أهلك أشجارهم المثمرة ، وأنبت
بدلها الأراك والطّرفاء والسّدر.
(١٧) (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) أي : جزيناهم ذلك الجزاء بكفرهم (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) بسوء عمله ، وذلك أنّ المؤمن تكفّر عنه سيئاته ،
والكافر يجازى بكلّ سوء يعمله.
(١٨) (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها) يعني : قرى الشّام ، (قُرىً ظاهِرَةً) متواصلة ، يرى من هذه القرية القرية الأخرى ، فكانوا
يخرجون من سبأ إلى الشّام ، فيمرّون على القرى العامرة (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) جعلنا سيرهم بمقدار ، إذا غدا أحدهم من قرية قال في
أخرى ، وإذا راح من قرية أوى إلى أخرى ، وقلنا لهم : (سِيرُوا فِيها) في تلك القرى (لَيالِيَ وَأَيَّاماً) أيّ وقت شئتم من ليل أو نهار (آمِنِينَ) لا تخافون عدوّا ولا جوعا ولا عطشا.
(١٩) (فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ
أَسْفارِنا) وذلك أنّهم سئموا الرّاحة ، وبطروا النّعمة فتمنّوا أن
تتباعد قراهم ليبعد سفرهم بينها (وَظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ) بالكفر والبطر (فَجَعَلْناهُمْ
أَحادِيثَ) لمن بعدهم يتحدّثون بقصّتهم (وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ) وفرّقناهم في البلاد ، فصاروا يتمثّل بهم في الفرقة ،
وذلك أنّهم ارتحلوا عن أماكنهم وتفرّقوا في البلاد (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي فعلنا (لَآياتٍ لِكُلِّ
صَبَّارٍ شَكُورٍ) أي : لكلّ مؤمن ؛ لأنّ المؤمن هو الذي إذا ابتلي صبر ،
وإذا أعطي شكر.