وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً (٣٧) ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ
____________________________________
إلا أنّه آثر ما يجب من الأمر بالمعروف ، وقوله : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) أن لو فارقها تزوّجتها ، وذلك أنّ الله تعالى كان قد قضى ذلك ، وأعلمه أنّها ستكون من أزواجه ، وأنّ زيدا يطلّقها (وَتَخْشَى النَّاسَ) تكره قالة النّاس لو قلت : طلّقها ، فيقال أمر رجلا بطلاق امرأته ، ثمّ تزوّجها (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) في كلّ الأحوال ، ليس أنّه لم يخش الله في شيء من هذه القضيّة ، ولكن ذكر الكلام هاهنا على الجملة. وقيل والله أحقّ أن تستحيي منه ، فلا تأمر زيدا بإمساك زوجته بعد إعلام الله سبحانه إياك أنها ستكون زوجتك ، وأنت تستحيي من النّاس وتقول : أمسك عليك زوجك. (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) حاجته من نكاحها (زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ ...) الآية. لكيلا يظنّ ظانّ أنّ امرأة المتبنّى لا تحلّ للمتبنّي ، وكانت العرب تظنّ ذلك ، وقوله : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) كائنا لا محالة ، وكان قد قضى في زينب أن يتزوّجها رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(٣٨) (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) فيما أحلّ له من النّساء (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) يقول : هذه السّنّة قد مضت أيضا لغيرك. يعني : كثرة أزواج داود وسليمان عليهماالسلام ، والمعنى : سنّ الله له سنّة واسعة لا حرج عليه فيها (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) قضاء مقضيا.
(٣٩) (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ) «الذين» (١) نعت (٢) قوله : (فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ
__________________
(١) في المخطوطات «من» والصحيح ما أثبتناه.
(٢) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٢٣٠ ؛ وإعراب القرآن للنحاس ٢ / ٦٣٨.