أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥) إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦) وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ
____________________________________
(٥٤) (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) مرّة بإيمانهم بكتابهم ، ومرّة بإيمانهم بالقرآن (بِما صَبَرُوا) بصبرهم على ما أوذوا (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) ويدفعون بما يعملون من الحسنات ما تقدّم لهم من السّيئات (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) يتصدّقون.
(٥٥) (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ) القبيح من القول (أَعْرَضُوا عَنْهُ) لم يلتفتوا إليه. يعني : إذا شتمهم الكفّار لم يشتغلوا بمعارضتهم بالشّتم. (وَقالُوا : لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) ليس هذا تسليم التحيّة ، وإنّما هو تسليم المتاركة ، أي : بيننا وبينكم المتاركة والتّسليم ، وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) لا نصحبهم.
(٥٦) (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) نزلت حين حرص النبيّ صلىاللهعليهوسلم على إيمان عمّه عند موته ، فلم يؤمن ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١) ، والمعنى : لا تهدي من أحببت هدايته (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) هدايته (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) بمن يهتدي في معلومه.
(٥٧) (وَقالُوا) يعني : مشركي مكّة : (إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ) بالإيمان بك (نُتَخَطَّفْ) نسلب ونؤخذ (مِنْ أَرْضِنا) لإجماع العرب على خلافنا ، فقال الله تعالى : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً) أخبر سبحانه أنّه آمنهم بحرمة البيت ، ومنع منهم العدوّ ، فكيف يخافون أن تستحلّ العرب قتالهم فيه؟ (يُجْبى) يجمع. (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ
__________________
(١) الحديث أخرجه مسلم في الإيمان برقم ٢٥ ؛ والترمذي في التفسير برقم ٣١٨٧ ؛ وأخرجه البخاري في التفسير ٨ / ٥٠٦ مطوّلا.