أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (٤١) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (٤٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ
____________________________________
(٤٠) (أَوْ كَظُلُماتٍ) وهذا مثل آخر ضربه الله لأعمال الكافر (فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ) وهو البعيد القعر الكثير الماء (يَغْشاهُ) يعلوه (مَوْجٌ) وهو ما ارتفع من الماء (مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) متراكم بعضه على بعض (مِنْ) فوق الموج (سَحابٌ) وهذه كلّها (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) ظلمة السّحاب ، وظلمة الموج ، وظلمة البحر. (إِذا أَخْرَجَ) النّاظر (يَدَهُ) بين هذه الظّلمات (لَمْ يَكَدْ يَراها) لم يرها لشدّة الظّلمة ، وأراد بالظّلمات أعمال الكفار ، وبالبحر اللّجيّ قلبه ، وبالموج من فوق الموج ما يغشى قلبه من الجهل والشّكّ والحيرة ، وبالسّحاب الرّين والختم على قلبه ، ثمّ قال : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) أي : من لم يهده الله للإسلام لم يهتد.
(٤١) (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ) يصلّي له (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) المطيع يسبّح له ، والعاصي يذلّ أيضا بخلق الله تعالى إيّاه على ما يشاء ، على أنّ الله بريء من السّوء (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ) أجنحتهنّ في الهواء تسبّح الله. (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ) وهي لبني آدم (وَتَسْبِيحَهُ) وهو عامّ لغيرهم من الخلق.
(٤٣) (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي) يسوق (سَحاباً) إلى حيث يريد (ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) يجمع بين قطع ذلك السّحاب (ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) بعضه فوق بعض (فَتَرَى الْوَدْقَ) المطر (يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) فرجه (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ) في السّماء (مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ) بذلك البرد (مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ) ضوء