وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (٣١) قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢) قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٣)
____________________________________
(وَأَعْتَدَتْ) وأعدّت (لَهُنَّ مُتَّكَأً) طعاما يقطع بالسّكين. قيل : هو الأترج (١)(وَآتَتْ) وناولت (كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ) ليوسف : (اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) أعظمنه وهالهنّ أمره وبهتن (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) حززنها بالسّكاكين ، ولم يجدن الألم لشغل قلوبهنّ بيوسف (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ) بعد يوسف عن أن يكون بشرا (إِنْ هذا) ما هذا (إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) فلمّا رأت امرأة العزيز ذلك قالت :
(٣٢) (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) في حبّه والشّغف فيه ، ثم أقرّت عندهنّ بما فعلت فقالت : (وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ) فامتنع وأبى ، وتوعّدته بالسّجن فقالت : (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ...) الآية ؛ فأمرنه بطاعتها ، وقلن له : إنّك الظّالم وهي المظلومة ، فقال يوسف :
(٣٣) (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) من معصيتك (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ) كيد جميع النّساء (أَصْبُ إِلَيْهِنَ) أمل إليهنّ (وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) المذنبين.
__________________
(١) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ١ / ٣٠٩ : وزعم قوم أنّه الأترج ، وهذا أبطل باطل في الأرض ، ولكن عسى أن يكون مع المتّكأ أترج يأكلونه. وقال ابن جرير ١٢ / ٢٠٢ : إنّ أبا عبيدة لم يبعد من الصواب في هذا القول ، بل القول كما قال. قلت : وقد قرئ في بعض القراءات الشاذة : «متكأ» على فعل ، والمتك هو الأترج ، كما قال الفراء في معاني القرآن ٢ / ٤٢ ، وانظر اللسان : متك.