لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (٧٧) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٧٨) (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ
____________________________________
يؤتي كلّ ذي حقّ حقّه ، ففعل الله ذلك فلم يف بما عاهد ، ومنع الزّكاة ، فهذا معنى قوله : (لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَ) لنعطينّ الصّدقة ، (وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) ولنعملنّ ما يعمل أهل الصّلاح في أموالهم.
(٧٦) (فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ ...) الآية.
(٧٧) (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً) صيّر عاقبة أمرهم إلى ذلك بحرمان التّوبة ، حتى ماتوا على النّفاق جزاء لإخلافهم الوعد ، وكذبهم في العهد ، وهو قوله : (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ...) الآية.
(٧٩) (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ) يعيبون ويغتابون (الْمُطَّوِّعِينَ) المتطوعين المتنفّلين (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ) وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حثّ على الصّدقة ، فجاء بعض الصحابة بالمال الكثير ، وبعضهم ـ وهم الفقراء ـ بالقليل ، فاغتابهم المنافقون وقالوا : من أكثر [أكثر] رياء ، ومن أقلّ أراد أن يذكر نفسه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١) : (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) وهو القليل الذي يتعيّش به (فَيَسْخَرُونَ
__________________
(١) عن أبي مسعود الأنصاري قال : لمّا أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالصدقة ، تصدّق أبو عقيل بنصف صاع ، وجاء إنسان بشيء أكثر منه ، فقال المنافقون : إنّ الله لغنيّ عن صدقة هذا ؛ وما فعل هذا الآخر إلّا رياء ، فنزلت : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) أخرجه البخاري في التفسير ٨ / ٣٣٠ ؛ ومسلم في الزّكاة برقم ١٠١٨ ؛ والنسائي في السنن ٥ / ٥٩.