كتاب الوجيز ومنهج المؤلّف فيه
هذا الكتاب من
أصول الكتب المؤلّفة في التفسير مع اختصاره ، وقد ألّفه المصنّف استجابة لرغبات
بعض طلّاب العلم في الحصول على تفسير كامل للقرآن الكريم موجز ، وكان قد بدأ أوّلا
بتأليف كتابه «البسيط في التفسير» ثمّ طال الأمر في ذلك ، فصنّف هذا الكتاب تعجيلا
للمنفعة حيث قال :
«كنت قد ابتدأت
بإبداع كتاب في التفسير ، لم أسبق إلى مثله ، وطال عليّ الأمر في ذلك لشرائط
تقلّدتها ، ومواجب من حقّ النصيحة لكتاب الله تحمّلتها ، ثمّ استعجلني قبل إتمامه
، والتّقصي عمّا لزمني من عهدة أحكامه نفر متقاصرو الرّغبات ، منخفضو الدّرجات ،
أولو البضائع المزجاة ، إلى إيجاز كتاب في التفسير ، يقرب على من تناوله ، ويسهل
على من تأمّله ، من أوجز ما عمل في بابه ، وأعظمه فائدة على متحفّظيه وأصحابه».
فقد وصف المؤلّف كتابه وصفا يتلاءم مع الكتاب ، ولم يبالغ فيه ، وكتابه هذا من
أفضل ما ألّف في تفسير القرآن باختصار ، وجاء العلماء من بعده فجعلوه مصدرا أساسيا
لمؤلفاتهم في التفسير ، ومعرفة هذا الكتاب وفهمه تعطي القدر الكافي لمن أراد
الاكتفاء به في علم التفسير ، فقد قال الغزالي : «ما من علم إلّا وله اقتصار ، واقتصاد ، واستقصاء ،
ونحن نشير إليها في التفسير والحديث والفقه والكلام ؛ لنقيس بها غيرها.
فالاقتصار في
التفسير ما يبلغ ضعف القرآن ، أي : مثله في المقدار ، كالوجيز
__________________