كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ (٥٤) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥) الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ (٥٨)
____________________________________
يغيّر عليهم لو لم يغيّروا هم ، وتغييرهم كفرهم بها وتركهم شكرها ، فلمّا غيّروا ذلك غيّر الله ما بهم ، فسلبهم النّعمة وأخذهم ، ثمّ نزل في يهود قريظة :
(٥٥) (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).
(٥٦) (الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ...) الآية. وذلك أنّهم نقضوا عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأعانوا عليه مشركي مكّة بالسّلاح ، ثمّ اعتذروا وقالوا : أخطأنا ، فعاهدهم ثانية فنقضوا العهد يوم الخندق ، وذلك قوله : (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) عقاب الله في ذلك.
(٥٧) (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ) فإن أدركتهم في القتال وأسرتهم (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) فافعل بهم فعلا من التّنكيل والعقوبة يفرق به جمع كلّ ناقض عهد ، فيعتبروا بما فعلت بهؤلاء ، فلا ينقضوا العهد ، فذلك قوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ).
(٥٨) (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ) تعلمنّ من قوم (خِيانَةً) نقضا للعهد بدليل يظهر لك (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) أي : انبذ عهدهم الذي عاهدتهم عليه ؛ لتكون أنت وهم سواء في العداوة ، فلا يتوهموا أنّك نقضت العهد بنصب الحرب ، أي : أعلمهم أنّك نقضت عهدهم لئلا يتوهّموا بك الغدر (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) الذين يخونون في العهود وغيرها.