وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (١٤٩) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١٥٠) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنا
____________________________________
(١٤٩) (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) أي : ندموا على عبادتهم العجل (وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا) قد ابتلوا بمعصية الله ، وهذا كان بعد رجوع موسى إليهم.
(١٥٠) (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ) عليهم (أَسِفاً) حزينا ؛ لأنّ الله تعالى فتنهم (قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي) بئسما عملتم من بعدي حين اتّخذتم العجل إلها ، وكفرتم بالله (أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) أسبقتم باتّخاذ العجل ميعاد ربّكم؟ يعني : الأربعين ليلة ، وذلك أنّه كان قد وعدهم أن يأتيهم بعد ثلاثين ليلة ، فلمّا لم يأتهم على رأس الثّلاثين قالوا : إنّه قد مات (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) التي فيها التّوراة (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ) بذؤابته وشعره (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) إنكارا عليه إذ لم يلحقه فيعرّفه ما فعل بنو إسرائيل ، كما قال في سورة طه : (قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ ...) الآية (١). فأعلمه هارون أنّه إنّما أقام بين أظهرهم خوفا على نفسه من القتل ، وهو قوله : (قالَ ابْنَ أُمَ) وكان أخاه لأبيه وأمّه ، ولكنّه قال : يا ابن أمّ ليرقّقه عليه (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي) استذلّوني وقهروني (وَكادُوا) وهمّوا أن (يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ) يعني : أصحاب العجل بضربي وإهانتي (وَلا تَجْعَلْنِي) في موجدتك وعقوبتك لي (مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) الذين عبدوا العجل ، فلمّا عرف براءة هارون ممّا يوجب العتب عليه ، إذ بلغ من إنكاره على عبدة العجل ما خاف على نفسه القتل.
(١٥١) (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي) ما صنعت إلى أخي (وَلِأَخِي) إن قصّر في الإنكار (وَأَدْخِلْنا
__________________
(١) الآية ٩٢.