مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)
____________________________________
أبوه من عبادة الأصنام نريه (مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعني : ملكهما ، كالشّمس ، والقمر ، والنّجوم ، والجبال ، والشّجر ، والبحار. أراه الله تعالى هذه الأشياء حتى نظر إليها معتبرا مستدلّا بها على خالقها ، وقوله : (وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) عطف على المعنى. تقديره : ليستدلّ بها وليكون من الموقنين.
(٧٦) (فَلَمَّا جَنَ) أي : ستر وأظلم (عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي) أي : في زعمكم أيّها القائلون بحكم النّجم ، وذلك أنّهم كانوا أصحاب نجوم يرون التّدبير في الخليقة لها (فَلَمَّا أَفَلَ) أي : غاب (قالَ : لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) عرّفهم جهلهم وخطأهم في تعظيم النّجوم ، ودلّ على أنّ من غاب بعد الظّهور كان حادثا مسخّرا ، وليس بربّ.
(٧٧) (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً) طالعا ، فاحتجّ عليهم في القمر والشّمس بمثل ما احتجّ به عليهم في الكوكب ، وقوله : (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي) أي : لئن لم يثبّتني على الهدى. وقوله للشّمس :
(٧٨) (هذا رَبِّي) ولم يقل هذه ؛ لأنّ لفظ (١) الشّمس مذكّر ، ولأنّ الشّمس بمعنى الضياء والنّور ، فحمل الكلام على المعنى (هذا أَكْبَرُ) أي : من الكوكب والقمر ، فلمّا توجّهت الحجّة على قومه قال : (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).
(٧٩) (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ) أي : جعلت قصدي بعبادتي وتوحيدي لله عزوجل ، وباقي الآية مفسّر فيما مضى (٢).
__________________
(١) في ظ : معنى. ولعلّه الأصح.
(٢) انظر ص ١٣٢.