أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٢٦) وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما
____________________________________
أَكِنَّةً) أغطية (أَنْ يَفْقَهُوهُ) لئلا يفهموه ، ولا يعلموا الحقّ (وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) ثقلا وصمما ، فلا يعون منه شيئا ، ولا ينتفعون به (وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ) علامة تدلّ على صدقك (لا يُؤْمِنُوا بِها) هذا حالهم في البعد عن الإيمان (حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ) [مخاصمين معك في الدّين](١)(يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) من كفر منهم : (إِنْ هذا) ما هذا (إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أحاديث الأمم المتقدمة التي كانوا يسطرونها في كتبهم.
(٢٦) (وَهُمْ يَنْهَوْنَ) النّاس عن اتّباع محمد (وَيَنْأَوْنَ) ويتباعدون (عَنْهُ) فلا يؤمنون به (٢)(وَإِنْ) وما (يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) بتماديهم في معصية الله تعالى (وَما يَشْعُرُونَ) وما يعلمون ذلك.
(٢٧) (وَلَوْ تَرى) يا محمد (إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) أي : حبسوا على الصّراط فوق النّار ، (فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ) تمنّوا أن يردّوا إلى الدّنيا فيؤمنوا ، وهو قوله : (وَلا نُكَذِّبَ) أي : ونحن لا نكذّب (بِآياتِ رَبِّنا) بعد المعاينة (وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ضمنوا أن لا يكذّبوا ويؤمنوا ، فقال الله تعالى :
(٢٨) (بَلْ) ليس الأمر على ما تمنّوا في الردّ (بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) وهو أنّهم أنكروا شركهم ، فأنطق الله سبحانه جوارحهم حتى شهدت عليهم بالكفر ، والمعنى : ظهرت فضيحتهم في الآخرة ، وتهتكت أستارهم (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما
__________________
(١) زيادة من ظ.
(٢) قال ابن عباس : نزلت في أبي طالب ، كان ينهى المشركين أن يؤذوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويتباعد عما جاء به. أخرجه الحاكم ٢ / ٣١٥ ؛ وقال : صحيح على شرط الشيخين ، وأقرّه الذهبي. والمؤلف في الأسباب ص ٢٤٧ ، وابن جرير ٧ / ١٧٣.